للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشرَ النساءِ تصدقن فإني أُريتكن أكثرَ أهلِ النارِ. فقلن: وبم يا رسولَ اللهِ؟ قال: تكثرنَ اللعنَ وتكفرنَ العشيرَ، ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذهبَ للبّ الرجلِ الحازمِ من إحداكن قلن: وما نقصان ديننا وعَقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثلَ نصف شهادةِ الرجلِ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصمْ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصانِ دينها" (١).

وعلى الرغم من صحة هذه الأحاديث النبوية الشريفة، إلا أن ابن الجوزي نفى صحة الأحاديث المتعلقة بالعقل بقوله: "المنقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فضل العقل كثير إلا أنه بعيد الثبوت" (٢). وقد ذكر في كتابيه ذم الهوى والأذكياء الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي استشهد بها في فضل العقل، وهذه الأحاديث سأذكرها في باب التقويم من هذا البحث.

د - مفهوم العقل عند ابن الجوزي:

بيَّن ابن الجوزي أن هناك اختلافًا بين العلماء في تحديد ماهية العقل، فقال: "اختلف الناس في ماهية العقل اختلافًا كثيرًا" (٣). وقد حدده ابن الجوزي في معانٍ عدة مجملةٍ في قوله: "العقل يُطْلَق بالاشتراك على أربعة معانٍ أولها الوصف الذي يفارق به الإنسان البهائم وهو الذي به استعد لقبول العلوم النظرية وتدبير الصناعات الخفية الفكرية، وهو الذي أراده من قال هو غريزة وكأنه نور يُقذف في القلب يُستعدُّ به لإدراك الأشياء.

والثاني: ما وضع في الطباع من العلم بجواز الجائزات واستحالة المستحيلات. والثالث: علوم تستفاد من التجارب تسمى عقلًا. والرابع: أن منتهى قوّته الغريزية إلى أن تقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة" (٤). وقوله أيضًا في العقل: "فإن أجل الأشياء موهبة العقل فإنه


(١) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء الأول، ص ٤٠٥، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، حديث رقم ٣٠٤ ..
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. ذم الهوى. ص ٧.
(٣) المرجع السابق، ص ٥.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. الأذكياء. ص ٥.

<<  <   >  >>