للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا حصّلها" (١). وقال: "فليست الفضائل الكاملة إلا الجمع بين العلم والعمل، فإذا حصلا رفعا صاحبهما إلى تحقيق معرفة الخالق سبحانه وتعالى، وحركاه إلى محبته وخشيته والشوق إليه، فتلك الغاية المقصودة" (٢). وقال أيضًا: "ثم ينظر في مقصود العلوم وهو المعاملة لله سبحانه والمعرفة به والحبُّ له" (٣).

ونتيجةً لهذا الفهم الصحيح للغاية من العلم، وهي معرفة الله تعالى بكل مقتضياتها وواجباتها، فقد ورد في بعض أقوال ابن الجوزي تحديد سمات وصفات العلم النافع .. وما ينتجه من ثمرات في نفس المسلم، أهمها:

١ - السمة الأولى: خشية الله تعالى:

مدح الله تعالى العلماء الذين أدت معرفتهم الحقيقية لله تعالى، إلى خوفهم وخشيتهم منه جلّ جلاله فقال: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (٤).

وهذه الثمرة وهي الخوف والخشية من الله تعالى هي من العلم النافع، وفي ذلك يقول ابن الجوزي عن نفسه: "وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا يدرى بالعلم، حتى أنني أذكر في زمان الصبوة ووقت الغلمة والعزبة قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال، ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله -عز وجل-" (٥) وقوله: "وليس العلم صور الألفاظ، إنما المقصود فهم المراد منه، وذاك يورث الخشية والخوف، ويرى المنة للمنعم بالعلم، وقوة الحجة له على المتعلم" (٦).


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٦٠.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٤٣.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٣١٠.
(٤) سورة الإسراء: الآيات ١٠٧ - ١٠٩.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٣٥.
(٦) المرجع السابق، ص ٤٣٨.

<<  <   >  >>