للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينفع، لأن ذلك بذر يكثر ريعه، ويمتد زمان نفعه" (١).

٥ - المقومات الوعظية:

إن للوعظ والإرشاد وتعليم الناس، آدابًا ينبغي مراعاتها في أثناء إعداد الدرس وإلقائه، وهذه الآداب أخذت من آداب القُصاص والمذكرين، وهي تقريبًا آداب العلماء نفسها. ويقضى ذلك بأن على المعلم تعليم المتعلمين آداب التعلم، وآداب المعاشرة الاجتماعية، والتأدب مع الأساتذة والإداريين:

أ- اختيار الموضوع المناسب:

ينبغي للعالم أن يختار الموضوع الذي يتناسب والحاضرين، ويبدأ بالأمور المهمة ثم الأقل أهميةَ، مع ربطها بواقعهم ومشكلاتهم الحياتية، وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "ينبغي أن ينظر في اللازم الواجب، وأن يعطيهم من المباح في اللفظ قدر الملح في الطعام، ثمَّ يجتذبهم إلى العزائم، ويعرفهم الطريق الحق" (٢).

ب- ذكر الله تعالى:

يستحب للعالم أن يبدى مجلسه بذكر الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، لقوله: "ما اجتمعَ قومٌ فتفرقوا عن غيرِ ذكرِ الله، إلا كأنما تفرقوا عن جيفةِ حمارٍ، وكان ذلك المجلسُ عليهم حسرةً" (٣). وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "فإذا فرغ القراء، حمد الواعظ الله -عَزَّ وَجَلَّ- وأثنى عليه وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه" (٤). وكان من عادة صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ أحدهم شيئًا من القرآن الكريم، قبل الموعظة، وقد استقى ابن الجوزي منهجه في الوعظ من ذلك، فقال: "أما كيفية وعظه فيعلم أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كانوا إذا أرادوا الموعظة أمروا رجلًا أن يقرأ عليهم سورة" (٥).


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٤٢.
(٢) المرجع السابق، ص ١٠٠.
(٣) مرجع سابق. ابن حنبل، أحمد. المسند. الجزء الثاني. ص ٣٨٩.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. كتاب القصاص والمذكرين. ص ٣٦١.
(٥) المرجع السابق، ص ٣٦٠.

<<  <   >  >>