للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمعرفة مدى صحة أو خطأ ما عدّه من الأسباب:

١ - أسباب مرضية ناتجة من أمراض الدماغ، وقد قال فيها ابن الجوزي: "إن نسيان المحفوظ من أمراض الدماغ، وذلك يكون غالبًا من سوء مزاج بارد، رطب، يرطب الدماغ، وذلك يكون من كل ما يولد خلطًا بلغميًا وفيه تبخير، ويتولد كثيرًا من أكل البصل والتخم وكثرة أكل الفواكه. وسبب فساد الذكر البرد، فإن كان من رطوبة فصاحبه لا يحفظ ما يطبع فيه، وإن كان من يبوسة فإنه لا يحفظ الأمور الماضية دون الحادثة، وإن كان من يبس مع حركان مع اختلاط الذهن، وأكثر ما يعرض النسيان عن برد ورطوبة. وقد يكون عن يبس مفرط، يجفف الدماغ، ويجعله كالصخرة التي لا تقبل أن ينطبع فيها شيء" (١).

وهذا السبب يخالف ما أثبته الطب الحديث من أن النسيان "ناتج من إصابة عضوية عصبية كضربة دماغية، أو صدمة انفعالية، أو كبت مزمن قوي، فهذه الحالات يحدث معها نسيان مفاجئ ويفقد صاحبها الذاكرة. وقد يكون النسيان تدريجيًا كما هو الحال مع بعض الأمراض العقلية كالذهان، أو نسيانًا فجائيًا، كمن صدمته سيارة برأسه وأغمي عليه. . . ." (٢) أما ما ذكره ابن الجوزي من أمراض الدماغ، فهذا من الطب اليوناني القديم (٣)، الذي فرض نفسه في عصر ابن الجوزي.

أما الأطعمة التي تسبب النسيان، فقد ذكرها ابن الجوزي بقوله: "وأكل الكزبرة الرطبة والتفاح الحامض" (٤). فأعتقد أن هذه الفواكه لا تسبب النسيان، وإن كانت بعض الأطعمة تنشط العقل وتزيل الإعياء. أما الأسباب الناتجة من الحالة النفسية كالهمّ، فإن لها تاثيرًا سيئًا في الشخص فإنها تمنعه من التركيز، وتكون سببًا في صعوبة الاسترجاع. "فالإنسان الذي يعاني من الصراع الداخلي والاكتئاب النفسي، والاضطراب العصبي يلاقي من الصعوبة في التحصيل أكثر من الإنسان


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ. ص ١٨.
(٢) مرجع سابق، الهاشمي. أصول علم النفس العام. ص ٢١٧.
(٣) أفادني بهذه المعلومة د. محمد علي البار.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ. ص ١٨.

<<  <   >  >>