للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بصوتٍ فصيحٍ يدل على خالقه" (١).

كذلك دعا الله -سبحانه وتعالى- إلى التأمل والتفكر في ملكوت السموات والأرض. قال الله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} (٢). وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} (٣).

وقد بيَّن ابن الجوزي أن حقيقة النظر والتفكر في السموات والأرض، هو التدبر في قدرة الله تعالى، الذي يزيد من إيمان الإنسان ويقينه بالخالق -عَزَّ وَجَلَّ-. قال: "ليس المراد بالنظر إلى ما في السموات والأرض ملاحظته بالبصر، وإنما هو التفكر في قدرة الصانع" (٤). ثم يستخدم ابن الجوزي أسلوب القرآن الكريم نفسه في الدعوة إلى التأمل والتفكر في مخلوقات الله تعالى، فيقول: "ارفع بصر فكرك إلى عجائب السموات، فتلمح الشمس في كل يوم في منزل، فإذا انخفضت برد الهواء وجاء الشتاء، وإذا ارتفعت قوي الحر، وإذا كانت بين المنزلتين اعتدل الزمان" (٥). ثم دعاه للنظر في عجائب الأرض فقال: "ثم اخفض بصرك إلى الأرض ترى فجاجها مذللة للتسخير، فامشوا في مناكبها وتفكروا في شربها بعد جدبها بكأس القطر، وتلمح خروج النبات يرفل في ألوان الحلل على اختلاف الصور والطعوم والأراييح" (٦). ثم دعاه للنظر والتفكر في قدرة الخالق -عَزَّ وَجَلَّ- عند نزول المطر فقال: "وانظر كيف نزل القطر إلى عِرق الشجر، ثم عاد ينجذب إلى فروعها ويجري في تجاويفها بعروق لا تفتقر إلى كلفة" (٧). ثم دعاه للنظر في حكمة الله


(١) المرجع السابق، ص ٣٦٨.
(٢) سورة الغاشية، الآيات ١٧ - ٢٠.
(٣) سورة لقمان، الآية ٢٠.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الأول، ص ٥٧.
(٥) المرجع السابق، الجزء الأول، ص ٦٠.
(٦) المرجع السابق، الجزء الأول، ص ٦٠.
(٧) المرجع السابق، الجزء الأول، ص ٦٠.

<<  <   >  >>