محبة الله تعالى على كل شيء، حتى ترتقي النفس البشرية بروحها وسلوكها وشهواتها، عن رغبات الدنيا وزينتها، فيسير الإنسان منضبطًا، قويًا، طاهرًا، عفيفًا، نحو مرضاة الله تعالى، فتتكون الشخصية الإسلامية المؤمنة، كما أرادها المنهج التربوي الإسلامي. وهذا ما ينبَّه عليه علم التربية الإسلامية المعاصرة في الوقت الحالي.
وعن طريق هذه الأنواع الأربعة من الطهارة بمفهومها الظاهري والباطني، نستطيع أن نبني ونربي الفرد المسلم على العبودية الخالصة لله تعالى.
ز- أداء العبادات المفروضة وتأثيرها بالروح التربوية:
بعد أن تكلمنا على الطهارة لبعض العبادات، سنناقش في هذا المبحث الجانب التعبدي المتمثل في الصلاة والصيام والزكاة والحج، باعتبارها شعائر مفروضة، أمر الله عباده بأدائها في أوقات محددة، وبصفات مخصوصة، وهذه العبادات لها جانبان فقهي وتربوي، وسنقتصر في دراستنا على الجانب التربوي التهذيبي للنفس البشرية.
وهذه العبادات بتنوعها وتعددها السنوي والشهري والأسبوعي واليومي، تعتبر روافد أساسية دائمة ومتجددة للزاد الذي يغذي الروح، ويهذب السلوك، ويقوَّم الخلق، ويقوي البدن، ويسمو بالنفس عن شهوات الدنيا، ويعينها على تخطي العقبات، وتحمل الابتلاء، بقلوب مؤمنة، صابرة، قادرة على تحمُّل أعباء الدعوة إلى الله وتكاليفها.
وسنقوم بعرض آراء ابن الجوزي التربوية في هذه العبادات، وما تتركه من آثار واضحة في شخصية المؤمن. وقد ركز ابن الجوزي على الجانب الفقهي للعبادات، وذكر بعض الآثار التربوية اليسيرة، ولكن يمكن استخلاص المبادئ التربوية المتعددة من خلال عرضه الفقهي، وسأذكر هذه المبادئ في نهاية هذا المبحث.
١ - الصلاة
هي الصلة الدائمة والحية المتجددة، بين الله -عز وجل- وعبده. وهذه العبادة تحرر العبد من العبودية لغير الله، وتربطه بالله مباشرة دون