للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفروضة وعلى الصدقة النافلة، وعلى الإيثار والمواساة للإخوان، فمن أخرج لله -عز وجل- شيئًا، فليكن من أطيب ماله، وليوقن المضاعفة" (١). للزكاة أثر كبير في تهذيب النفس البشرية من الشح والبخل، لأن الإنسان "الذي يسدي الخير، ويصنع المعروف، ويبذل من ذات نفسه ويده، لينهض بإخوانه في الدين والإنسانية، وليقوم بحق الله عليه، يشعر بامتدادٍ في نفسه، وانشراح واتساع في صدره، ويحس بما يحس به من انتصر في معركةٍ، وهو فعلًا قد انتصر على ضعفه وأثرته وشيطان شحه وهواه. فهذا هو النمو النفسي والزكاة المعنوية" (٢). ويكون المزكي عكس البخيل الذي يمنع حق الله تعالى، فإنه يكون قلقًا، خائفًا على ضياع المال أو فقده، حريصًا على إنفاقه في أضيق الحدود، فيحرم نفسه وأهله وعياله من طيبات الحياة الدنيا. فيسبب لهم التعس والشقاء.

٣ - الصيام

الركن التهذيبي الرابع من أركان الإسلام، قال الله تعالى في فرضيته: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٣). وللصيام ميزة ينفرد بها عن غيره من العبادات، ذكرها ابن الجوزي قائلًا: "إن الصوم من أشرف العبادات، وله فضيلة ينفرد بها عن جميع التعبَّدات، وهي إضافته إلى الله -عز وجل-" (٤) بقوله: "الصوم لي وأنا أجزي به" (٥).

وقد استشهد ابن الجوزي على فضيلة الصيام بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الثاني، ص ٢٥٦.
(٢) القرضاوي، د. يوسف. العبادة في الإسلام. بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الحادية عشرة. ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م، ص ٢٥٩.
(٣) سورة البقرة، الآية ١٨٥.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الثاني، ص ٢٦١.
(٥) مرجع سابق، العسقلاني. فتح البارى بشرح صحيح البخاري. الجزء الثالث عشر، ص ٤٦٤، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، حديث رقم ٧٤٩٢.

<<  <   >  >>