للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبيحةَ، سميتِ الهيئةُ خلقًا سيئًا" (١).

وقد أورد ابن الجوزي في تفسير معنى الخلق في قول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (٢) ثلاثة أقوال:

"أحدها: دين الإسلام، قاله ابن عباس.

والثاني: آداب القرآن، قاله الحسن.

والثالث: الطبع الكريم. وحقيقته "الخُلُقُ": ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب، فسمي خُلُقًا، لأنه يصير كالخِلْقة في صاحبه. فأما ما طُبع عليه، فيسمى: "الخِيْم"، فيكون الخِيم: الطبع الغريزي، والخلق: الطبع المتكلف، هذا قول الماوردي" (٣).

وقد أورد ابن الجوزي معنى آخر للخلق، من خلال استشهاده بحديث السيدة عائشة -رضي الله عنها-، عندما سُئِلت عن خلقه - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان خلقُه القرآن. "تعني: كان على ما أمره الله به في القرآن" (٤).

ونستنبط من قول ابن الجوزي، أن مقياس الأخلاق الفاضلة اتباع ما أمره الله به، والتأدب بآدابه، لأن القرآن الكريم المصدر الأول الذي نستقي منه الخلق الفاضل. وقد ميز ابن الجوزي بين بعض الألفاظ التي تدخل على الخلق، ففرق بين الخَلق والخُلق، وبين الخُلق والطبع، وبين صورة البدن وصورة الباطن. فقال أولًا: في الفرق بين الخَلق والخُلق: "فصورة البدن تسمى خَلْقًا، وصورة الباطن تسمى خُلْقًا" (٥). أما دليل كمال صورة البدن والباطن فهو كما عبر عنه بقوله: "ودليل كمال صورة البدن حسن الصمت (السمت)، واستعمال الأدب، ودليل صورة الباطن


(١) مرجع سابق، الجرجاني. التعريفات. ص ١٣٦.
(٢) سورة القلم، الآية ٤.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي زاد المسير في علم التفسير. الجزء الثامن، ص ٣٢٨.
(٤) المرجع السابق، الجزء الثامن، ص ٣٢٩.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٨٩.

<<  <   >  >>