للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسن الطبائع والأخلاق" (١).

أما الفرق بين الخلق والطبع فيتضح مما يأتي؛ فقد عرفنا الخُلُقَ، أما الطبعُ فهو: "ما يقع على الإِنسان بغير إرادةٍ، وقيل: الطبعُ، بالسكون: الجبلةُ التي خُلقَ الإنسان عليها" (٢). وقد قال ابن الجوزي فيهما: "فَالَطبائع العفة والنزاهة، والأنفة من الجهل، ومباعدة الشره. والأخلاق: الكرم، والإيثار، وستر العيوب، وابتداء المعروف، والحلم عن الجاهل" (٣). ولم يفصل ابن الجوزي فيهما القول فيما درست من كتبه.

ب - طبيعة الخلق من الناحية الفطرية والاكتسابية:

من خلال المعنى اللغوي والتفسير البياني للخلق، نرى أن الخلق فطري ومكتسب، فبين ابن الجوزي أن بعض الأخلاق فطرية والأخرى مكتسبة، فقال في ذلك: "إذا كانت الهمة الدنية طبعًا لم ينجح فيها العلاج، فإن كانت مكتسبة بصحبة الأدنياء أو لغلبة الطبع والهوى فعلاجها قريب" (٤).

وفي هذا الرأي يبين أن الدناءة إذا كانت طبعًا وخلقًا فطريًا فصعب علاجه، أما إذا كانت مكتسبة بصحبة الأدنياء وغيره .. فممكن علاجها. ورأي ابن الجوزي في أن الدناءة خلق فطري يعارض قول الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} (٥) فالدناءة ليست من طبيعة الإنسان التي خلقه الله بها. لذلك تعتبر من الأخلاق المكتسبة.

قال ابن الجوزي في فطرية الخلق "فرأيت أن الأدب وحسن العشرة، يتبع لطافة البدن وصفاء الروح" (٦). وقال أيضًا: "ولا تلتفت


(١) المرجع السابق، ص ٢٨٩. وتحقيق الطنطاويان، ص ٢٥٥.
(٢) مرجع سابق، الجرجاني. التعريفات. (تحقيق الأبياري، إبراهيم)، ص ١٨٢.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٨٩.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٢٩.
(٥) سورة التين، الآيتان ٤ - ٥.
(٦) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٤٦٥.

<<  <   >  >>