للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوزي: "إن الرضى من جملة ثمرات المعرفة، فإذا عرفته رضيت بقضائه، وقد يجري في ضمن القضاء مرارات، يجد بعض طعمها الراضي. أما العارف فتقل عنده المرارات لقوة حلاوة المعرفة. فإذا ترقّى بالمعرفة إلى المحبة، صارت مرارة الأقدار حلاوة" (١).

لذلك ينصح ابن الجوزي بالتدريب الواعي على الصبر وتحمّل المشاقّ، من خلال المعرفة العميقة بالله تعالى وقدره والحكمة منه، حتى تنبت المحبة في قلب الإنسان، فيجد حلاوة الايمان. فيقول في ذلك: "فينبغي الاجتهاد في طلب المعرفة بالأدلة، ثم العمل بمقتضى المعرفة بالجدّ في الخدمة، لعل ذلك يورث المحبة" (٢). وقد استشهد بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي عن الله جل جلاله: "لا يزالُ العبدُ يتقربُ إليّ بالنوافلِ حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنت سمعَه الذي يسمعُ به، وبصرَه الذي يبصِرُ به" (٣).

الوسائل المعينة على الصبر:

هناك وسائل عدة ذكرها ابن الجوزي لتقوية الإرادة، ومساعدتها على الصبر، وهذه الوسائل هي:

١ - الوسيلة الأُولى

تدبُّر القرآن الكريم وآيات الصبر فيه، والتبصر بأحاديث الصبر، المقوية للإرادة. وقد وضح ابن الجوزي هذه النقطة بالتفصيل، مدعّما إياها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فقال: "ومما يقوي الصبر على الحالتين النقل والعقل" (٤). وقد قسم النقل إلى: القرآن الكريم والسُّنّة النبوية الشريفة. ثم قسم القرآن الكريم قسمين: القسم الأول: "بيان سبب إعطاء الكافر والعاصي. فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٩٤.
(٢) المرجع السابق، ص ٩٥.
(٣) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء الحادي عشر، ص ٣٤٠ - ٣٤١، كتاب الرقائق، باب التواضع، حديث رقم ٦٥٠٢.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٩٢.

<<  <   >  >>