للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطين أن يلبس نظيف الثياب، بل ينبغي أن يصابر ساعات العمل، فإذا فرغ تنظف ولبس أجود ثيابه. فمن ترفَّه وقت العمل، ندم وقت تفريق الأجرة، وعوقب على التواني فيما كلف، فهذه النبذة تقوّي أزر الصبر" (١).

٢ - الوسيلة الثانية:

قصّ قصص الأنبياء -عليهم السلام-، وما تعرضوا له من ابتلاءات مختلفة وثباتهم وصبرهم عليها، هذه القصص تؤثر في تدريب النفس البشرية على الصبر وتحمل البلاء. قال ابن الجوزي: "ونوح سأل في ابنه فلم يُعطَ مراده، والخليل ابتلي بالنار، وإسماعيل بالذبح، ويعقوب بفقد الولد. ويوسف بمجاهدة الهوى. وأيوب بالبلاء، وداود وسليمان بالفتنة. وجميع الأنبياء على هذا. وأما ما لقي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من الجوع والأذى وكدر العيش فمعلوم" (٢).

فإذا تفكر الإنسان في أن أنبياء الله تعالى وهم صفوة الخلق، تعرضوا للبلاء، وجنوا ثمار ذلك الصبر، الأجر العظيم من الله تعالى، فإنه لا شك سيصبر، ولاسيما إذا أيقن أن الله تعالى وضع الدنيا للبلاء، ليختبر إيمان الإِنسان وصبره، قال ابن الجوزي: "فالدنيا وضعت للبلاء، فينبغي للعاقل أن يوطَّن نفسه على الصبر، وأن يعلم أن ما حصل من المراد فلطف، وما لم يحصل فعلى أصل الخلق والجبِلَّة للدنيا كما قيل:

طُبعتْ على كدرٍ وأنت تُريدُها ... صَفْوًا من الأقذاءِ والأكدارِ

ومكلفُ الأيامِ ضدَ طباعِها ... متطلبٌ في الماءِ جذوةَ نارِ

وهاهنا تبين قوة الإيمان وضعفه، فليستعمل المؤمن من أدوية هذا المرض التسليم للمالك والتحكيم لحكمته" (٣).

٣ - الوسيلة الثالثة:

مدارة النفس البشرية والتلطف بها بشغلها بما يرضي الله تعالى،


(١) المرجع السابق، ص ٩٣.
(٢) المرجع السابق، ص ٣٨٨.
(٣) المرجع السابق، ص ٣٨٨.

<<  <   >  >>