للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ - تربية الإرادة للوقاية من ارتكاب المعاصي

إن الإنسان نتيجة ضعفه البشري الفطري، معرض لارتكاب المعاصي والآثام، لذلك استخدم الإسلام أسلوب تربية الإرادة الخيرة في جميع تصرفات الإِنسان وسلوكياته، بل شمل ما توسوس به النفس البشرية، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوزَ لأمتي ما حدثت به أنفُسها ما لم يتكلُموا أو يعملُوا به" (١). وكذلك إذا همَّ بالمعصية، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى، قال: "إن اللهَ كتبَ الحسناتِ والسيئاتِ. ثم بين ذلك: فمن همّ بحسنةِ فلم يعملْها كتبَها اللهُ عنده حسنةَ كاملةً. وان همَّ بها فعملَها كتبَها الله -عز وجل- عنده عشرَ حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. وإن همَّ بسيئةٍ فلم يعملْها كتبها اللهُ عنده حسنة كاملةً، وإن هم بها فعملَها كتبَها اللهُ سيئة واحدة" (٢).

ومن خلال هذا المنهج التربوي الإسلامي القويم في تعديل السلوك، وتقويم الاعوجاج، وتصحيح المسار، تقوى الإرادة الخيرة الصالحة على الإرادة الشريرة الداعية إلى المعصية، وتحث النفس المؤمنة على التمهل قبل الوقوع فيها.

ولم يكن لابن الجوزي رأي في هذا الجانب فيما اطلعتُ عليه ولكن كتبت فيه حتى ننتقل إلى النقطة الثانية التي تعرض لها ابن الجوزي وهي:

ب - تربية الإرادة بعد الوقوع في المعصية:

إن الله تعالى -أعلم- بطبيعة النفس البشرية، وضعفها أمام الشهوات، لذلك نبَّه الجانبَ العاطفي للتنفير من المعصية، قال في ذلك د. مقداد يالجن. "إن الإِنسان إذا اشمأز من فعل الأشياء [السيئة] وتقززت نفسه منها، تدفع عاطفته إرادته إلى عدم فعلها والابتعاد عنها


(١) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الأول، ص ١١٦، كتاب الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، حديث رقم ٢٠١ - (١٢٧).
(٢) المرجع السابق، الجزء الأول، ص ١١٨، كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب، حديث رقم ٢٠٧ - (١٣١).

<<  <   >  >>