للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٧ - وثّق ابن الجوزي تربية الإرادة بعد الوقوع في المعصية بالتوبة (١) النصوح، بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "للهُ أفرحُ بتوبةِ عبدهِ المؤمنِ من رجل نزَل بأرض دويّةٍ (مهلكة) معه راحلتُه، فطلبَها حتى أدرَكهُ الموتُ. قَال: أرجعُ إلى مكاني الذي أضللتُها فيه فأموتُ فيه، فأتى مكانه فغلبتْه عيناه، فاستيقظ فإذا راحلتُه عند رأسهِ عليها طعامُه وشرابُه وزاده وما يصلحُه، فاللهُ أشدُ فرحًا بتوبةِ عبدهِ المؤمن من هذا براحلتهِ وزادهِ" (٢).

٢٨ - صنف ابن الجوزي التائبين في صنفين من الناس، الصنف الأول هو الذي زاد ندمه (٣)، وقوي مقته لنفسه، فرأى تعريضها للقتل


= عشر، ص ٤٩١، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}، حديث رقم ٧٥٢٠.
ب - مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الأول، ص ٩٠، كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، حديث رقم ١٤١ - (٨٦).
وقد روي هذا الحديث في الصحيحين بلفظ آخر ففي صحيح مسلم. عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك. قال قلت له: إن ذلك لعظيم. قال قلت: ثم أي؟ قال ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قال قلت: ثم أي؟ قال: ثم أن تزاني حليلة جارك".
(١) المرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الأول، ص ٢٥.
(٢) أ - مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري الجزء الحادي عشر، ص ١٠٢، كتاب الدعوات، باب التوبة، حديث رقم ٦٣٠٨.
ب - مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ٢١٠٣، كتاب التوبة، باب الحض على التوبة والفرح بها، حديث رقم ٣ - (٢٧٤٤). والحديث في الصحيحين بألفاظ مقاربة.
ولفظ مسلم قال فيه: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن، من رجلٍ في أرض دوية مَهْلَكة معه راحلته. عليها طعامه وشرابه. فنام فاستيقظ وقد ذهبت. فطلبها حتى أدركه العطش. ثم قال: ارجع إلى مكاني الذي كنت فيه. فأنام حتى أموت. فوضع رأسه على ساعده ليموت. فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه: فالله أشد فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده".
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. التبصرة. الجزء الأول، ص ٣٦٠.

<<  <   >  >>