للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مباحا، وهذا ما فعل ماعز، وقد استشهد ابن الجوزي بقصته الواردة في الحديث فقال فيها: ". . . . عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: كنتُ جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءهُ رجلٌ يقال له ماعزُ بن مالك فقال: يا نبيَ اللهِ إني قد زنيتُ وأنا أريدُ أن تطهَرني فطهرني، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ارجع. فلما كان من الغدِ أتاه أيضًا فاعترف عنده بالزنى. فقال له النبيُ - صلى الله عليه وسلم -: ارجع. ثم أرسلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومِه فسألَهُم عنه فقال: ما تعلمون من ماعزِ بن مالكٍ الأسلمي؟ هل ترون به بأسًا وما تنكرون من عقلهِ شيئًا؟ قالوا: يا نبي الله. ما نرى به بأسًا، ولا ننكرُ من عقله شيئًا. ثم عاد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الثالثةَ فاعترف عنده بالزنى وقال: يا نبيَ اللهِ طهرني. فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومِه أيضًا فسألهم عنه. فقالوا له كما قالوا في المرة الأُولى: ما نرى به بأسًا، وما ننكرُ من عقلهِ شيئًا. ثم رجعَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرابعة فاعترفَ عنده بالزنى، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحفرَ له حفيرةٌ فجُعِلَ فيها إلى صدرهِ ثم أمرَ الناسَ أن يرجموه". وقال في هذا الحديث وحديث المرأة الغامدية: انفرد بإخراج الحديثين مسلم" (١).

٢٩ - وفى الوسائل النفسية الإيحائية لتقوية الإرادة، وثّق ابن الجوزي كلامه (٢) بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الثلاثةِ الذين دخلوا إلى غار، فانطبقت عليهم صخرةٌ، فقال أحدهم: "اللهم إنه كان لي أبوان وأولاد، فكنت أقفُ بالحليب على أبوي أسقيهما قبل أولادي، فإن كنت فعلتُ ذلك لأجلك فافرج عنا، فانفرج ثلثُ الصخرة. وقال الآخرُ: اللهم إني استأجرتُ أجيرًا فتسخطَ أجره: فاتجرت به، فجاء يومًا فقال: ألا تخافُ الله وتعطيني أجرتي؟ فقلت: انطلق إلى تلك البقرِ ورعاتهِا فخذها، فإن كنتُ فعلتُ ذلك لأجلك فافرج عنا فانفرج ثلثا الصخرة. فقال الآخر: اللهم إني علقتُ بنتَ عمٍ لي فلما دنوتُ منها قالت: اتقِ اللهَ ولا تفض الخاتمَ إلا بحقهِ، فقمتُ عنها. فإن كنت فعلتُ ذلك لأجلك فافرج عنا، فرفعت الصخرةُ وخرجوا" (٣).


(١) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الثالث، ص ١٣٢٣، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى، حديث رقم ٢٣.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٥٦.
(٣) أ - مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء العاشر،

<<  <   >  >>