للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح، خصوصًا إذا كان الناقل له من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم في ذلك، وأنه لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من حديث صحيح أو حسن. وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك: "إذا روينا في الحلال والحرام شدَّدنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا "فإنما يريدون به -فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة، فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقرًا واضحًا، بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط" (١).

وبناء على ما تقدم من حكم رواية الحديث الضعيف والعمل به، فيكون حكمي على الرأي التربوي لابن الجوزي صحيحًا إذا كان هناك ما يدعمه من حديث صحيح استشهد به مع بقية الأحاديث الضعيفة التي وثق بها رأيه، ويكون ضعيفًا إذا وثق بحديث ضعيف وكان الرأي مخالفًا للمنهج التربوي الإسلامي. أما إذا كان الحديث ضعيفًا والرأي التربوي صحيحا فيكون هذا الرأي صحيحًا.

وأُفصِّل القول عند عرض الآراء التربوية التي استشهد بها بأحاديث ضعيفة ثم أعلق عليها.

القسم الرابع: وهو الحديث الموضوع: الذي يختلقه الكذابون وينسبونه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وتعريفه: "هو المختلق المصنوع، وهو شرّ الضعيف وتحرم روايته مع العلم به في أي معنى كان إلا مُبَيَّنًا" (٢).

وهناك أقسام أخرى لا داعي لذكرها حتى لا يطول البحث في بيان أقسامه التي لم ترد أثناء تخريج الأحاديث التي استشهد بها ابن الجوزي.


(١) المرجع السابق، ص ٩٢.
(٢) مرجع سابق، السيوطي. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي. الجزء الأول، ص ٢٧٤.

<<  <   >  >>