للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد هذه النبذة التعريفية بأقسام الحديث، وعرض الأحاديث النبوية التي استشهد بها ابن الجوزي في آرائه التربوية، ثم تخريجها ومعرفة درجة صحتها أو ضعفها، وجدت أن مجموع هذه الأحاديث ستون حديثًا (٦٠). وقبل إعطاء النتيجة النهائية لهذه الأحاديث، أقوم الآن بمناقشة الآراء التربوية التي ثبت من خلال تخريج الأحاديث التي استشهدت بها أحاديث ضعيفة أو موضوعة أو لم أجدها في كتب التخريج، حتى أحدد إمكانية اعتبارها من الآراء التربوية الموافقة للفكر التربوي الإسلامي أم لا يمكن بسبب ضعف الحديث ومخالفة الرأي التربوي للشريعة الإسلامية وقواعدها الأصولية والفقهية، أما الآراء التربوية الموثقة بأحاديث صحيحة فلا تحتاج إلى مناقشة لأنها صحيحة وموافقة للفكر التربوي الإسلامي.

و- مناقشة الآراء التربوية الموثقة بأحاديث غير صحيحة:

١ - وثق ابن الجوزي علاج دافع الحسد بأحاديث نبوية منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دب إليكم داءُ الأمم قبلكم الحسدُ والبغضاءُ، والبغضاءُ هي الحالقةُ، حالقةُ الدين لا حالقةُ الشعرِ، والذي نفسُ محمدٍ بيدهِ لا تؤمنوا حتى تحابُوا، أفلا أَنبئكم بشيءٍ إذا فعلتموه تحابيتُم: أفشُوا السلامَ بينكم" (١).

وقد ثبت أن هذا الحديث ضعيف. فهل يعني هذا أن علاج ابن الجوزي للحسد حسب استشهاده بهذا الحديث مرفوض وغير صحيح؟

إن استشهاد ابن الجوزي بهذا الحديث الضعيف، لا يقلل من صحة رأيه التربوي في علاج الحسد لأنه وثق كلامه بحديث صحيح رواه الشيخان وهو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا حسدَ (المقصود به هنا الغبطة) إلا في اثنتين: رجل آتاهُ اللهُ -عز وجل- القرآنَ فهو يقومُ به آناءَ الليلِ والنهارِ، ورجل آتاهُ اللهُ مالًا فهو ينفقُه في الحقِ آناءَ الليلِ والنهارِ". وعلى ذلك فإننا نستبعد الحديث الضعيف ونستشهد بالحديث الصحيح، والرأي التربوي يعدّ صحيحًا ولا غبار عليه.


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٧.

<<  <   >  >>