للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - ابن الجوزي من العلماء الذين لا يراجعون ما كتبوه، بسبب كثرة مؤلفاته، وقال في ذلك الإمام الذهبي "وكان كثير الغلط فيما يصنفه فإنه كان يفرغ من الكتاب ولا يعتبره" (١)، فلو راجع ابن الجوزي ما كتبه، لاستدرك ما كتبه من أحاديث ضعيفة وموضوعة وتجنب الاستشهاد بها.

٣ - من الملاحظ أنه على الرغم من استشهاده بأحاديث ضعيفة أو موضوعة، إلا أن رأيه التربوي لا يخالف المنهج التربوي الإسلامي، وهذا يدل على ثقافته الإسلامية الصحيحة، واستشهاده بهذه الأحاديث قد حصل منه سهوًا، وبسبب عدم مراجعته لما كتب.

وعلى الرغم من ذلك، فإننا لا ننسى فضل علمائنا الأجلاء -ومنهم ابن الجوزي- في المحافظة على الدين الإسلامي من دس المغرضين، وعرضه بطريقة صحيحة تخدم الغاية من التشريع الإلهي العظيم، ونلتمس لهم العذر فيما غفلوا عنه، وعن تصويبه وبيان الحق فيه، دون التقليل من شأنهم، أو التشهير بهم.

٢ - الآراء التربوية الموثقة بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

سأقوم بعرض أقوال ابن الجوزي التي أيدها بأفعاله - صلى الله عليه وسلم - ثم مناقشتها في ضوء علم الحديث:

١ - قال ابن الجوزي: "فالعاقل من نظر في مقدار إقامته، وتلمّح بيت نقلته، فحينئذ يقنع من الثياب بما يواريه، ومن البنيان بما يؤويه، وفي الحديث أن نوحا -عليه السلام- لبث في بيت شعر ألف سنةٍ إلا خمسين عامًا، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما وضع لبنةٍ على لبنةٍ، وكان في ثوبٍ عمَر اثنتا عشر رقعة" (٢).

استشهاد ابن الجوزي بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنه ما وضع لبنةً على لبنةٍ، مخالف لما ورد من بنائه - صلى الله عليه وسلم - مسجده في المدينة المنورة باللبِن، وكان


(١) مرجع سابق، الذهبي. تذكرة الحفاظ. الجزء الرابع، ص ١٣٤٧.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٠.

<<  <   >  >>