للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - كما بيَّن ابن الجوزي رأيه في التربية الإرادية بقوله: "فالدنيا وضعت للبلاء، فينبغي للعاقل أن يوطن نفسه على الصبر، وأن يعلم أن ما حصل من المراد فلطف، وما لم يحصل فعلى أصل الخلق والجبلة للدنيا كما قيل:

طُبعت على كدرٍ وأنت تريدُها ... صفوًا من الأقذاءِ والأكدار

ومكلّفُ الأيام ضدَ طباعِها ... متطلبٌ في الماءِ جذوةَ نارِ" (١)

٩ - استشهد ابن الجوزي بالشعر في حديثه عن الوسائل المعينة على الصبر فقال: "فرأيت الصواب قطع طريق الصبر بالتسلية والتلطف للنفس، كما قال الشاعر:

فإن تشكَّت فعلَّلها المجرةَ من ... ضوءِ الصباح وعدها بالرواحِ ضُحى" (٢)

يلاحظ على أشعار ابن الجوزي التي نظمها "أنها غنية بالمعاني الأخلاقية، والتوجيهات التربوية. أما إذا وزناها بميزان النقد والتذوق الجمالي نجدها لا تستند في جملتها إلى أصول جمالية فنية، فهي تفتقر إلى التراكيب الفنية، والفنون القولية، وعمق الخيال الذي يولد لنا الصور الفنية البارعة التي تثير الإحساس في النفس، وتزيد من دلالات التراكيب، فشعره شعر تعليمي أشبه ما يكون بشعر النظَّامين الذي يرصفون الكلمات بجوار بعضها بعض لتؤدي معنى معينًا من غير احتفاءٍ بالناحية الجمالية الفنية" (٣).

هـ - الآراء التربوية التي وثقها ابن الجوزي بتجربته الذاتية

إن حياة الإنسان وما فيها من سراء وضراء، وما يعيش فيها من بؤس وشقاءٍ، أو ترفٍ ونعيم، وما يواجهه من مصاعب ومشاق، تكسبه صلابةً وقوةً، فتغني حياته العلمية والعملية بالتجارب المفيدة، والخبرات المثمرة، التي تكون حصيلة عمره الزمني كله، الذي يقدمه لغيره ليستفيد منه.


(١) المرجع السابق، ص ٣٨٨.
(٢) المرجع السابق، ص ٩٨.
(٣) علقت على ذلك، د. نجاح أحمد الظهار أستاذة الأدب في الكلية المتوسطة بجدة.

<<  <   >  >>