العلمي؛ فهو يقول عن نفسه:"وإني أخبرُ عن حالي، ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابًا لم أره، فكأني وقعت على كنز.
ولقد نظرت في ثَبَت الكتب الموقوفة في المدرسة النِّظَامية، فإذا به يحتوي على نحو ستة آلاف مجلد، وفي ثَبَت كتب أبي حنيفة وكتب الحميدي، وكتب شيخنا عبد الوهاب بن ناصر، وكتب أبي محمد بن الخشاب، وكانت أحمالًا، وغير ذلك من كل كتاب أقدر عليه.
ولو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر وأنا بعدُ في الطلب. فاستفدت بالنظر فيها من ملاحظة سِيَر القوم وقدر هممهم وحفظهم وعباداتهم وغرائب علومهم ما لا يعرفه من لم يطالع. فصرت أستزري ما الناس فيه، واحتقر همم الطلاب ولله الحمد" (١).
إن الفوائد التربوية التي يمكن استخلاصها من هذه التجربة العلمية، تفيد طالب العلم وتحفزه على البحث الجاد، والاطلاع الواسع على أمهات الكتب.
وأهم الفوائد التربوية هي:
١ - إخبار العالم عن نفسه، يحفز همم طالب العلم للتحصيل والجد والمثابرة.
٢ - أهمية الاطلاع الواسع لطالب العلم من أجل زيادة ثقافته، وتعديل سلوكه، وإتقان عبادته.
٣ - تواضع طالب العلم مهما بلغ من العلم والمعرفة.
د - كذلك هناك تجربة لابن الجوزي في إطلاق فكره للتدبر والتأمل في الكون، وما أثمر عنده من تعظيم وتقدير كبير لقدرة الله تعالى عز وجل. وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "عرض لي في طريق الحج خوف من العرب فسرنا على طريق خيبر، فرأيت من الجبال الهائلة والطرق العجيبة ما أذهلني، وزادت عظمة الخالق -عز وجل- في صدري، فصار يعرض لي عند ذكر تلك الطرق نوع تعظيم لا أجده عند ذكر غيرها.