للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أهمها جامعة بولونيا في إيطاليا، وجامعة باريس في فرنسا، جامعة أكسفورد في بريطانيا. وقد ظهرت هذه الجامعات في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي ومطلع القرن الثاني عشر الميلادي، نتيجة للتحرر الفكري الذي حدث فيها وما صاحبه من موقف الكنيسة التي "خرجت بمفاهيم جديدة واهتمامات جديدة من نضالها مع الأباطرة الرومان المقدسين، فقد سمحت للفضول الثائر، والمناقشات الدينية المحتدمة، بأن تتخذ شكلًا علميًّا ذا بالٍ. ثم إن نمو التجارة وظهور الحكومات البلدية، ولاسيما في المدن الإيطالية، نفخت في التعليم المدني روحًا جديدة، وأخيرًا فإن الحروب الصليبية بقضائها على عزلة أوروبا وجعلها على اتصال بالعالم العربي الإسلامي المتمدين، سمحت بدخول الأفكار الجديدة، وبالتالي بتوسيع الآفاق الفكرية عند الغربيين" (١).

هذه أهم جوانب الحياة التعليمية والعقلية في الدول الأوروبية، التي كانت في الفترة الزمنية التي عاش فيها ابن الجوزي.

وحتى تكون المقارنة موضوعية، لابد أيضًا من إبراز الحالة الثقافية والتعليمية والتربوية التي كانت في الدولة الإسلامية، وفي الفترة الزمنية نفسها التي عاش فيها ابن الجوزي.

وقد سبق أن تكلمت على ذلك (٢)، لذلك سنكتفي بمناقشة تلك المظاهر ومدى ارتباطها بالآراء التربوية عند ابن الجوزي. وهل لهذه الآراء علاقة بالفكر الأوروبي في ذلك الوقت، وما مدى تأثيره وتأثره بها.

أهم المظاهر العلمية التي غلبت على عصر ابن الجوزي

١ - "تميز بغداد بالبيئة العلمية الخصبة التي حوت جميع الثقافات.

٢ - اهتمام الخلفاء والوزراء بالعلم والتعليم والعلماء.


(١) عاقل، د. فاخر. التربية قديمها وحديثها. بيروت، دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة ١٩٨١ م، ص ٣٣.
(٢) انظر الباب الثاني، ص ٥٣ وما بعدها من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>