للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د - الأخلاق في المفهوم الغربي:

أوجز ابن الجوزي رأيه في الأخلاق التي اشتقها من المنهج التربوي الإسلامي، ولكن لو قارنا ما ذكره مع الاتجاهات الأخلاقية الحديثة، فإن البحث سيطول بسبب كثرة هذه الاتجاهات الأخلاقية وخصائصها ووجوه النزاع بينها. لذلك ستحاول الباحثة الإيجاز قدر المستطاع.

اختلفت الاتجاهات الأخلاقية في أمور كثيرة من قرن لآخر، ومن عالم لعالم، ومن مدينة لأُخرى، حسب الفلسفة التي يدين بها كل مربٍ، فمن مذهب المنفعة الفردية إلى مذهب المنفعة العامة، إلى نظرية التطور في الأخلاق أو مذهب الكمال، ومن فلسفة الأخلاق الاجتماعية في الوضعية الفرنسية، إلى البرجماتية الأمريكية. ومن الاتجاه الماركسي إلى الاتجاه المثالي الحدسي، ومن مذهب الحاسة الخلقية إلى الضمير الأخلاقي عند بطلر ونقاده، ومن مبدأ الواجب عند كانت، إلى المثالية المحدثة.

وقد ناقش هؤلاء العلماء الأخلاق من الناحية الفلسفية، وحاولوا إخضاعها للمنهج الفكري، وأبعدوها عن الديانة النصرانية وغيرها. وستركز الباحثة على أحد علماء القرن الثامن عشر الميلادي وإبراز رأيه الموافق أو المخالف لابن الجوزي، لأن ما وراء ذلك يحتاج إلى بحث شامل طويل.

وعلى هذا ستتناول الباحثة الأخلاق عند (كانت) (kant) (١) (١١٣٧ هـ - ١٢١٩ هـ) (١٧٢٤ م - ١٨٠٤ م)، الذي شرع بوضع مذهبه الأخلاقي في أول كتبه في الأخلاق وهو الذي "نُشر في سنة ١٧٨٥ م- ١٢٠٠ هـ تقريبًا بعنوان: تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق وقد جعله بمثابة نواة لنقد العقل العملي، لأنه ينظر فيه في بعض الموضوعات الخاصة بنقد العقل العملي، ويترك الباقي" (٢).

ويقصد "كانت" (بميتافيزيقا الأخلاق) أنه لن تستمد قوانين


(١) سبب اختيار "كانت" دون غيره من التربويين الغربيين، هو أنه يعد من أكبر الفلاسفة الغربيين الباحثين في الأخلاق، وله فيه مذهب وفلسفة خاصة.
(٢) بدوي، عبد الرحمن. الأخلاق عند كنت. الكويت، وكالة المطبوعات، طبعة سنة ١٩٧٩ م، ص ٣٢.

<<  <   >  >>