للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحافظة على حياتي وتحقيق سعادتي. ولكني بطبعي أتعلق بالحياة، وبطبعي أسعى إلى أن أكون سعيدًا. فكيف نحدد طابع الواجب في مثل هذا؟ لابد أن نفترض أحوالًا يعتور فيها حبَّ الحياة والرغبةَ في السعادة ظروفٌ معاكسةٌ تجعلهما ينقلبان إلى عكسيهما. فالإنسان الذي تنتابه أقسى الآلام إلى درجة أنه يطلب الموت ومع ذلك يحافظ على الحياة، هذا الإنسان يمكن أن يعد سلوكه هذا سلوكًا أخلاقيًّا" (١).

وقد وضع (كانت) أسس متيافيزيقا الأخلاق، وسأوجز أفكاره فيما يأتي:

١ - التجربة لا تفيد في وضع مبادئ الأخلاق. وهذا معناه كما يقول (كانت) أنه "من المستحيل تمامًا أن نقرر بالتجربة وبيقين كامل حالة واحدة قام فيها الفعل، المطابق مع ذلك الواجب، على مبادئ أخلاقية فقط وعلى امتثال الواجب"، وعلّق المؤلّف د. عبد الرحمن بدوي بقوله: "ولهذا لا يمكن أن نتخذ من التجربة شواهد على مبادئ الأخلاق العالية" (٢).

٢ - "مبادئ الأخلاق قبلية كلية. وهذا معناه أن الأخلاق "يجب أن تُستمد من مبادئ العقل القبلية غير الممزوجة بأية اعتباراتٍ تجريبيةٍ مستمدةٍ من أحوال الطبيعة الإنسانية وميولها ونوازعها" (٣).

٣ - اعتمد على العقل العملي، الذي قصد به الإرادة الخيرة التي تتمثل في إرادة العمل وفقًا لمبدأ "الواجب لذاته"، وليس لمنفعة أو جريًا وراء ميل أو رغبة. وقد بيَّن (كانت) من خلال العقل العملي "الأمر المطلق" ودلالاته وصيغته السلبية في المبدأ الآتي: "ينبغي ألا أتصرف إلا بطريقة أستطيع أن أرى جعل قاعدة تصرفي قانونًا عامًّا للناس جميعًا" (٤).

وقد حدد "كانت" معنى الأمر "الذي يفترض وجود كائن عاقل لديه القدرة على أن يتصرف وفاقًا لفكرته عن القوانين أو المبادئ" (٥).


(١) المرجع السابق، ص ٤٨.
(٢) المرجع السابق، ص ٦٢.
(٣) المرجع السابق، ص ٦٥.
(٤) مرجع سابق، الطويل. فلسفة الأخلاق. نشأتها وتطورها. ص ٤٢٣.
(٥) المرجع السابق، ص ٤٢٤.

<<  <   >  >>