الواجب إلى الله، بعد أن حرص على استقلال الإنسان وإرادته عن كل سلطة" (١)، حتى ضاق منه رجال اللاهوت.
أما ابن الجوزي فقد أقام آراءه الأخلاقية على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، الملائمة لفطرة الإنسان وطبيعته التي خلقه الله عليها.
وهكذا نجد أن الأخلاق في نظر "كانت" تختلف عنها في نظر ابن الجوزي، بسبب اختلاف العقيدة بينهما، وما يترتب على هذا الاختلاف من تصور للإنسان والكون والوجود، وما يتبعهما من مبادئ وقوانين وآداب تصاغ للإنسان.
وسأكتفي بهذا القدر من الموازنة حتى لا يطول البحث.
وخلاصة القول:
مما سبق من الموازنة، وفي ضوء الاستقراء الذي قمنا به لآراء ابن الجوزي وفي حدود التحري الذي أمكننا أن نقوم به للفكر التربوي الغربي، وهما غير تامين ولا محيطين، يمكن أن نقول إننا نلاحظ أنه رغم البعد الزمني والمكاني، والاختلاف العقائدي والبيئي، فقد وافق ابن الجوزي الفكر التربوي الغربي في الكثير من آرائه التربوية المستقاة من مصدري التشريع الإسلامي الحنيف وهما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم من تجاربه الخاصة، وأما الاختلاف بين آراء ابن الجوزي وآراء غيره فيعود إلى أسباب عدة:
١ - اختلاف العقيدة التي يدين بها كل من ابن الجوزي وغيره من التربويين الغربيين.
٢ - لم يكتب ابن الجوزي في التربية كالمتخصص فيها، ولكن كتب كغيره من العلماء المسلمين، الذين كتبوا في موضوع التربية بطريقة عرضية، فالتربية كغيرها من العلوم التي يحتاجها الإنسان المستخلف، تساعده على حمل رسالة الإسلام. أما علماء التربية الحديثة من الغربيين