فإنها تمتاز بالتطور والنمو والتعقيد في مختلف جوانب الحياة، التي تقف حائلًا دون تحقيق رغبات الشباب وآمالهم بيسر وسهولة، يضاف إلى ذلك كثرة المغريات والكماليات التي أصبحت ضرورات، وكثرة المؤثرات والضغوط الخارجية التي يتعرضون لها. لذلك فطبيعة العصر حددت للشباب -في كلا العصرين- طريقة ونمط الحياة التي يعيشونها سواء كانت سهلة أو معقدة.
ومن هنا نجد أن د. الشيباني أدرك بحكم عمله المباشر في مجالات تربية الشباب ورعايتهم، أهمية وضع الأسس النفسية والتربوية لتربيتهم ورعايتهم وحل مشكلاتهم التي يتعرضون لها. بينما نرى أن ابن الجوزي كتب عن هذه المرحلة كغيرها من المراحل دون أن يتعرض للمشكلات التي تواجه الشباب في ذلك الوقت، لأنه على ما أعتقد لم تواجههم مشكلات كالتي يعاني منها الشباب حاليًّا بسبب سهولة الحياة وخلوِّها من التعقيدات المختلفة.
وخلاصة القول الذي نخرج به من هذه الموازنة:
أن هناك تشابهًا من جهة واختلافًا من جهة أُخرى بين كل من ابن الجوزي ود. الشيباني، ومن أسباب التشابه والتقارب بينهما اعتمادهما على المصادر التشريعية نفسها في الإسلام مثل القرآن الكريم والسُّنّة النبوية الشريفة والإجماع والقياس. . . الخ، وقد أدى هذا الاعتماد على هذه المصادر الأصيلة إلى ثبات وواقعية وحيوية هذه الآراء، وجدَّتها إلى وقتنا الحاضر.
أما نواحي الاختلاف بينهما فتبرز في الآتي:
١ - أن ابن الجوزي كتب في التربية بصفة عامة دون تحديد للأسباب التي دفعته لذلك. أما د. الشيباني فهو أستاذ متخصص في التربية، التي قال فيها درجة الدكتوراة، وقد دفعه اهتمامه الشخصي وحبه للتربية الإسلامية إلى التعمق في هذه التربية والكتابة فيها كتابة المتخصص. يضاف إلى ذلك توليه المناصب التربوية التي صقلت العلم بالتجربة العملية في الوظيفة.