للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن د. الشيباني كشف عن هذه الأسباب التي دفعته للكتابة في مثل هذا المجال، عندما قال في مقدمة كتاب من أسس التربية الإسلامية: "وإنني لأرجو أن يكون ما أقدمه اليوم من جهد متواضع حافزًا لغيري على مزيد من الدراسة الواعية والبحث العميق في مجال التربية الإسلامية ليتسنى لنا قطع الشرط المطلوب في إلقاء الضوء على تراثنا (١) التربوي الخالد المليء بالأفكار والمبادئ التربوية الصالحة للتطبيق في كل زمان ومكان، وفي إحياء وتجديد وتصفية (٢) هذا التراث ونقله إلى أجيالنا الحاضرة والمقبلة، وليتحقق لنا بالتالي ربط حاضرنا بماضينا وربط ما نسعى إليه من تقدم وتجديد في كافة مجالات الفكر والحياة بأصالتنا الفكرية وبتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وتراثنا الإسلامي الخالد" (٣).

٢ - تميزت الفترة التي عاش فيها ابن الجوزي من (٥١٠ - ٥٩٧ هـ)، بالكثير من نواحي القوة والضعف في جميع جوانب الحياة العلمية والسياسية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية (وسبق أن بينا ذلك في الباب الثاني من هذا البحث).

أما الفترة الزمنية التي يعيش فيها د. الشيباني أعني في وقتنا الحاضر، فهي وليدة عصور متعددة فمن "عصر ظهور الإسلام وازدهاره وامتداده، ثم عصر الانحسار والانحراف والانحطاط إلى عصر الاستعمار والغزو الأجنبي" (٤) وما خلفه من آثار واضحة نتيجة "إيفاد البعثات، واستقدام الأساتذة الأجانب، ونقل مناهج التعليم وكتبه إلى مدارسنا وتأسيس مدارس أجنبية في بلادنا، ونقل نتائج الثقافة الغربية إلى لغات الشعوب الإِسلامية، إن ذلك كله أدى بتزايد واستمرار عملية


(١) المقصود بالتراث في هذا السياق: القرآن الكريم والسنة النبوية وما كتبه العلماء والمربون المسلمون السابقون.
(٢) التصفية: تخص ما كتبه العلماء والمربون فقط.
(٣) مرجع سابق، الشيباني. من أسس التربية الإسلامية. ص ٨.
(٤) المبارك، محمد. المجتمع الإسلامي المعاصر. بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، ١٣٩٩ - ١٩٧٩ م، ص ٤٦.

<<  <   >  >>