للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التغريب (١) " (٢).

وبعد التحرر من الاستعمار الأجنبي وخروج المستعمر (الغازي الكافر) من الدول الإسلامية، ابتُليت الأمّة الإسلامية بالغزو الفكري والعقائدي والاجتماعي والأخلاقي في شؤون حياتها كافة.

وقد مر المجتمع الإِسلامي المعاصر خلال اتصاله ولقائه وتأثره بالمجتمع الأوروبي الغربي "بمراحل متعاقبة أولها مرحلة الذهول والدهشة والإعجاب والشعور بالنقص، ثم كانت مرحلة النقل والتقليد والاقتباس، ومرحلة تتراوح بين التوفيق بين القيم الغربية والقيم الإسلامية تارة، والصراع بينهما تارة أخرى، ثم كانت أخيرًا مرحلة الذاتية بالنسبة للاتجاه الأصيل أو الإسلامي التي تقابل بالنسبة للاتجاه الآخر مرحلة الانسلاخ النهائي من الإسلام والاندماج كليًّا في أحد تيارات الفكر الغربي" (٣).

ود. الشيباني أحد الملتزمين بالاتجاه الإسلامي الأصيل، وقد لمس موطن الداء في واقعنا التربوي والتعليمي، وأدرك خطورة ذلك على تنشئة الأجيال الإسلامية الحاضرة، فكانت معظم مؤلفاته تدور حول الإصلاح التربوي والعودة إلى المصادر الإسلامية الثابتة من القرآن الكريم والسُّنّة النبوية الشريفة، لإعادة البناء التربوي الحالي إلى أصوله الإسلامية الأُولى، وتنقيته من شوائب الفكر الدخيل.

لذلك فرضت طبيعة العصر الحاضر على د. الشيباني أن يتناول موضوعات لم يتناولها ابن الجوزي مثال: "نحو بناء فلسفة تربوية تستمد أصولها من مبادئ الإسلام". أو قد يعالج موضوعات عالجها ابن الجوزي -مثل: "فضل المعلم ووظيفته في التربية الإِسلامية- من الوجهة الإسلامية وفق ما تجدّد من ظروف في الوقت الحاضر تتعلق بالمعلم ولم تكن في عصر ابن الجوزي.


(١) المقصود بعملية التغريب: انتقال المسلمين من العقلية الإسلامية إلى العقلية الغربية.
(٢) المبارك، محمد. بين الثقافتين الغربية والإسلامية. بيروت، دار الفكر، طبعة سنة ١٤٠٠ هـ - ١٩٨٠ م، ص ٧٨.
(٣) مرجع سابق، المبارك. المجتمع الإسلامي المعاصر. ص ١٠٢.

<<  <   >  >>