للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يبدو من الموازنة -بصفة عامة- تأثر د. الشيباني بآراء المربين المسلمين، بدليل استشهاده بأقوالهم في كثير من الأفكار التي يعرضها. بل لقد أكد في أكثر من موضع أن ما تركوه من آراء تربوية قيمة هي جزء من تراثنا الخالد، فقال في ذلك: ". . . ما تركه لنا هؤلاء العلماء والمربون من تراث مكتوب في هذا المجال [يعني واجبات المعلم وآدابه] يمثل جانبًا كبيرًا من تراثنا التربوي الإِسلامي الذي نعتز به" (١).

ونصل من هذه الموازنة إلى أن ابن الجوزي ود. الشيباني قد جعلا مصدر ثرائهما الفكري والتربوي هو كتاب الله -عز وجل- وأحاديث وسُنّة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم ما يتفرع عنهما من مصادر أخرى كالإجماع والقياس .. ثم النظر في تراثنا التربوي الذي خلفه لنا الأسلاف .. ونحو ذلك.

ولكن .. هل يعني هذا أن ابن الجوزي تناول بآرائه التربوية الدراسات التربوية المعاصرة؟

ولكي تكون الإجابة صحيحة وواضحة من الوجهة العلمية، لابدَّ من الإلمام -ولو بصورة عامة وسريعة- بالموضوعات التربوية التي تناولها المؤلفون، أو الباحثون أو المهتمون بالدراسات التربوية الإسلامية في وقتنا الحاضر، لموازنتها بآراء ابن الجوزي التربوية ثم لمعرفة ذلك، وتحديد مكان ابن الجوزي بين المربين المعاصرين.

ومن خلال الاستقراء العام للدليل الذي وضعه د. مقداد يالجن وهو دليل التأصيل الإسلامي للتربية لعام ١٤١١ هـ، بتكليف من عمادة البحث العلمي، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإِسلامية بالرياض (٢)، نجد أن هذا الدليل يشمل الموضوعات الآتية:


(١) مرجع سابق، الشيباني. من أسس التربية الإسلامية. ص ٢٠١.
(٢) برزت فكرة هذا الدليل إلى الوجود أثناء عضوية د. مقداد يالجن في لجنة التأصيل الإسلامي للتربية، فقد اقترح عليهم عمل ثلاثة أدلة للتأصيل الإسلامي في التربية وعلم الاجتماع وعلم النفس. وكان د. مقداد قد بدأ فعلًا في تنفيذ هذا الدليل أثناء عرضه لهذا الاقتراح، إلى أن أتمه ووافقت عمادة البحث العلمي على طباعته. وهو الآن مطبوع. أما دليلا علم الاجتماع وعلم النفس فسوف يتم إنجازهما في هذا العام إن شاء الله تعالى.

<<  <   >  >>