للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتناهية في الأحاديث الواهية وهو مطبوع في مجلدين، وكتاب الكشف في مستور ما في الصحيحين .. الخ.

٣ - العلم باللغة العربية:

يشترط في المجتهد أن يكون متمكنًا من اللغة العربية وقواعدها، عالمًا بأسرارها البيانية والبلاغية بالقدر الذي يستطيع به فهم القرآن الكريم والحديث النبوي ثم استنباط الأحكام منها بدقة. وقد حدد الإمام الغزالي -رحمه الله- هذا القدر الذي يجب معرفته من اللغة العربية فقال: إنه "القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله، وحقيقته ومجازه، وعامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه، ومطلقة ومقيده، ونصه وفحواه، ولحنه ومفهومه، والتخفيف فيه أنه لا يشترط أن يبلغ درجة الخليل والمبرد، وأن يعرف جميع اللغة ويتعمق في النحو، بل القدر الذي يتعلق بالكتاب والسُّنّة ويستولي به على مواقع الخطاب ودرك حقائق المقاصد منه" (١).

وقد التزم ابن الجوزي بهذا الشرط، وكان ملمًا باللغة العربية وأسرارها ومدلولاتها. وقد تلقى فقه اللغة وآدابها على أيدي شيوخ في اللغة والأدب وعلى يدي شيخة أبي منصور الجواليقي بوجه خاص، فقال في ذلك: "وقرأت عليه كتابه المعرَّب وغيره من تصانيفه وقطعة من اللغة" (٢). وهذا مثال يدل على تمكُنه وهو قوله: "وكذلك يتفاوت الشعراء الذين شغلهم التفطن لدقائق الأحوال كقول قائلهم:

لنا الجفناتُ الغرُّ يلمعن بالضحى ... وأسيافُنا يقطرن من نجدة دما

والجفنات عدد يسير، فلو قال: الجفانُ لكان أبلغَ، ولو قال: بالدُّجى لكان أحسنَ، ويقطرن دليل على القلة. . .

وكذا قول القائل:

أدعو إلى هجرِها قلبي فيتبعُني ... حتى إذا قلتُ هذا صادقٌ نزعا


(١) الغزالي. المستصفى من علم الأصول وبذيله فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت في الفقه. بيروت، دار العلوم الحديثة، دون طبعة وتاريخ، الجزء الثاني، ص ٣٥٢.
(٢) ابن الجوزي. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم. الجزء العاشر، ص ١١٨.

<<  <   >  >>