للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان صادقًا في المحبة لما كان له قلب يخاطبه. وإذا خاطبه في الهجر لم يوافقه. إنما المحب الصادق هو القائل:

يقولون لو عاتبتَ قلبَك لارعوى ... فقلتُ وهل للعاشقين قلوبُ

ومثل هذا إذا نوقش كثير" (١).

وقد صنف ابن الجوزي كتابًا في اللغة أسماه تقويم اللسان. وله غيره.

٤ - معرفة مواضع الإجماع ومواضع الخلاف:

المقصود بمعرفة مواضع الإجماع، الأحكام الإسلامية التي "أجمع عليها العلماء من عصر الصحابة إلى عصر الأئمة المجتهدين ومن جاء من بعدهم، وليس المراد أن يحفظ كل مواضع الإجماع حفظًا يستظهره في عامة أحواله، بل المراد أن كل مسألة يتصدى لدراستها يكون على علم بموضع الإجماع فيها إن كان هناك إجماع، وأما مواضع الخلاف فأن يعرف "إن كان هناك اختلاف. ومع العلم بمواضع الإجماع التي أجمع عليها السلف الصالح، يجب أن يكون على علم باختلاف الفقهاء، فيعرف اختلاف فقه المدينة ومنهاجه عن فقه العراق ومنهاجه" (٢).

إذا طُبق هذا الشرط الاجتهادي على ابن الجوزي، فإنه يلاحظ من خلال الاستقراء لآرائه التربوية أنه لم يحدد صراحة بكلمات تدل على معرفته بمواضع الإجماع ومواضع الخلاف، ولكن آراءه التربوية توضح أنه التزم بما أجمع عليه جمهور العلماء، وابتعد عن مواضع الخلاف بصفة عامة.

وقد نقد ابن الجوزي الفقهاء الذين يكتفون بالعلم الشرعي القليل فقال فيهم: "كان الفقهاء في قديم الزمان هم أهل القرآن والحديث، فما زال الأمر يتناقص حتى قال المتأخرون: يكفينا أن نعرف آيات الأحكام من القرآن، وأن نعتمد على الكتب المشهورة في الحديث كسنن أبي داود ونحوها، ثم استهانوا بهذا الأمر أيضًا، وصار أحدهم يحتج بآية لا


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد المخاطر. ص ٤٧٦.
(٢) مرجع سابق، أبو زهرة. أصول الفقه. ص ٣٨٣ - ٣٨٤. بشيء من التصرف.

<<  <   >  >>