للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرف معناها وبحديث لا يدري أصحيح هو أم لا، وربما اعتمد على قياس يعارضه حديث صحيح ولا يعلم لقلة التفاته إلى معرفة النقل، وإنما الفقه استخراج من الكتاب والسنة. فكيف يستخرج من شيء لا يعرفه!؟ (١).

وقد رأى ابن الجوزي أن الفقيه عليه أن "يبتدئ بالقرآن وحفظه، وينظر في تفسيره نظرًا متوسطًا لا يخفى عليه بذلك منه شيء.

وانصح له قراءة القراءات السبع وأشياء من النحو وكتب اللغة وليبدأ بأصول الحديث من حيث النقل كالصحاح والمسانيد والسنن، ومن حيث علم الحديث كمعرفة الضعفاء والأسماء فلينظر في أصول ذلك. وقد رتبت العلماء من ذلك ما يستغني به الطالب عن التعب.

ولينظر في التواريخ ليعرف ما لا يستغنى عنه كنسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأقاربه وأزواجه وما جرى له. ثم ليقبل على الفقه فلينظر في المذهب والخلاف، وليكن اعتماده على مسائل الخلاف فلينظر في المسألة، وما تحتوي عليه فيطلبه من مظانه كتفسير آية وحديث وكلمة لغة. ويتشاغل بأصول الفقه وبالفرائض، وليعلم أن الفقه عليه مدار العلوم" (٢).

ويرى ابن الجوزي أن على الفقيه أن يلتزم بأحد المذاهب، وهذا ما حدث له عندما التزم بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، وقد بين سبب ذلك بقوله: "إعلم أنا نظرنا في أدلة الشرع وأصول الفقه وسبرنا أحوال الأعلام المجتهدين، فرأينا هذا الرجل أوفرهم حظًا من تلك العلوم" (٣).

وعلى الرغم من تقليد شيخه أحمد بن حنبل، فإنه كان يخالفه في المسائل التي صح بالدليل مخالفتها فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو قوله، مثال ذلك قوله: "ولهذا أرى التداوي مندوبًا إليه، وقد ذهب صاحب مذهبي إلى أن ترك التداوي أفضل، ومنعني الدليل من اتباعه في هذا، فإن الحديث


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. تلبيس إبليس. ص ١١٨.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ١٦٩.
(٣) ابن الجوزي. مناقب الإمام أحمد بن حنبل. (تحقيق) لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة، الطبعة الثالثة، ١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م، ص ٤٩٦.

<<  <   >  >>