للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في آرائهم، وهذا ناتج من وحدة ينابيع أو مصادر الفكر التربوي الإسلامي التي تربطهم جميعًا.

٣ - موازنة بعض آراء ابن الجوزي التربوية ببعض الآراء التربوية الحديثة. وعند مقارنة الدوافع عند علماء علم النفس الحديث، وجد أن معظمها لا يخالف ما ذهب إليه علماء النفس المحدثون، وإن كان الاختلاف في المصدر الذي أخذ عنه كل منهما. فابن الجوزي استقى تصوره للدوافع من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، أما علماء علم النفس فقد أخذوها من اجتهاداتهم البشرية، أو عن طريق الملاحظة أو المشاهدة أو الاختبارات والتجارب المعملية.

وقد اتفق علم النفس الحديث مع ابن الجوزي في كثير من جوانب التقسيم العام لمراحل النمو الإنساني. وأغفل ابن الجوزي مرحلة ما قبل الميلاد رغم اهتمام المنهج التربوي الإسلامي، كذلك اتفق ابن الجوزي مع المحدثين في الاهتمام بالطفولة المبكرة من جميع الجوانب ما عدا الجانب الروحي الذي أغفلوه ولم يغفله ابن الجوزي.

أما مفهوم العقل في الفكر الغربي، فقد جاء موافقًا لرأي ابن الجوزي، وإن ظهر في التعاريف الحديثة الدقة العلمية، المعتمدة على المقاييس والاختبارات النفسية. وإن كان لتعريف ابن الجوزي للذكاء وعرض ظواهره قيمة علمية فريدة سبق بها الفكر الغربي الحديث.

وقد اتفق رأي ابن الجوزي في درجات العقل المرتفعة والمنخفضة مع الدراسات النفسية الحديثة، أو ما يقابلها بالدرجة العليا والدنيا، ولكنه اختلف عنها في أنه وضَّح الفروق بين الدرجات بالألفاظ، وعلم النفس الحديث وضحها بالنسب المئوية العددية.

وقد أكد ابن الجوزي أن القدرات العقلية زمرتان فطرية، ومكتسبة من تأثير البيئة، وهذا ما أثبته علماء الوراثة والبيئة من خلال التجارب والدراسات التي أجريت في هذا المجال.

أما العلم والتعليم في نظر ابن الجوزي والمقومات الأساسية للعالم والمتعلم، فقد اختلف فيه اختلافًا واضحًا عن الفكر الغربي بسبب اختلاف بعض مصادر الفكر التربوي لدى الطرفين، وقد اتفق معهم في

<<  <   >  >>