للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيره من الشيوخ.

وعلى الرغم من أنه كان يتيمًا مبكرًا، إلا أنه عاش مرفهًا، فقد قال عن نفسه "وقد ربيت فى نعيمها وغذيت بلبانها، ولطف مزاجي فوق لطف وضعه بالعادة" (١)، وهذا الترف ناتج من أن أباه كان "موسرًا وخلف ألوفًا من المال" (٢) جعلته كما ذكر "لا يذل في طلب العلم قط ولا يخرج يطوف في البلدان كغيره من الوعاظ، ولا بعث رقعة إلى أحد يطلب منه شيئا قط " (٣). والغالب على تنشئة ابن الجوزي التدين ذلك أنه كان "صبيًا ديِّنًا مجموعًا على نفسه لا يخالط أحدًا ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا يخرج من بيته إلا للجمعة، وكان لا يلعب مع الصبيان" (٤) كما ذكر عن نفسه قائلًا "فما أذكر أني لعبت في طريق الصبيان قط ولا ضحكت ضحكًا عاليًا" (٥). وكانت اهتماماته الأولية مركزة على طلب العلم، كما عبر عن ذلك بقوله "وكان الصبيان ينزلون إلى دجلة ويتفرجون على الجسر وأنا في زمن الصغر آخذ جزءًا وأقعد حجزة من الناس إلى جانب الرقة فأتشاغل بالعلم" (٦)، وقد ظهرت علامات النبوغ وحبه للعلم في وقت مبكر، فقد "رُزق عقلًا وافرًا في الصغر يزيد على عقل الشيوخ" (٧) يضاف إلى ذلك أن الله تعالى "حبب إليه العلم من زمن طفولته فتشاغل به" (٨)، وتلقى العلم على عدد كبير من المشايخ، ذكر منهم قائلًا "وسمعت من أبي بكر الدينوري (٩) الفقه وعلى أبي منصور الجواليقي (١٠) اللغة وتتبعت


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٣٩.
(٢) ابن الجوزي، أبو الفرج، عبد الرحمن. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. القاهرة، المطبعة السلفية ومكتبتها، دون طبعة وتاريخ، ص ٥٤.
(٣) المرجع السابق، ص ٥٥.
(٤) مرجع سابق، ابن كثير. البداية والنهاية. الجزء الثالث عشر، ص ٢٩.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٤٦.
(٦) المرجع السابق، ص ٤٦.
(٧) المرجع السابق، ص ٤٦.
(٨) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٣٧ بتصرف.
(٩) سبق ترجمته في الباب الثاني، الفصل الأول، ص ٥٦.
(١٠) سبق ترجمته في الباب الثاني، الفصل الأول، ص ٥٦.

<<  <   >  >>