للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مشايخ الحديث وانقطعت مجالس أبي علي ابن الراذاني (١)، وقد تلقى العلم في حلقات المسجد فكان يقول "ولقد وفق لي شيخنا أبو الفضل بن ناصر -رحمه الله-، وكان يحملني إلى الشيوخ فأسمعني المسند وغيره من الكتب الكبار، وأنا لا أعلم ما يراد مني، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت فناولني ثبتها ولازمته إلى أن توفي -رحمه الله-، فنلت منه معرفة الحديث والنقل" (٢). وقد حفظ القرآن وقرأه على جماعة من القراء بالروايات وسمع بنفسه الكثير وعني بالطلب في جميع الفنون وألف فيها" (٣)، وقد أمضى ابن الجوزي عهد صباه وشبابه في طلب العلم، ولقي في سبيل الحصول عليه الكثير من المصاعب والشدائد، التي جعلته يحس بحلاوة الطلب ومتعة العلم، فكان يخرج إلى نهر عيسى ومعه أرغفة يابسة لا يقدر على أكلها إلا بالماء، فهو يقول "فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم، فأثمر ذلك عندي أني عُرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأحواله وآدابه، وأحوال أصحابه وتابعيهم" (٤) وقد أمضى فترة شبابه في الوعظ الذي تمرس فيه من صغره "وقد فاق فيه الأقران" (٥)، ثم حصلت له


(١) هو الحسن بن محمد بن الحسين الراذاني الأواني، ثم البغدادي، الفقيه الواعظ أبو علي الزاهد، ابن الزاهد أبي عبد الله. ولد أبو علي بأوانا، وسمع ببغداد من أبي الحسين ابن الطيوري، ومن بيان وابن شهاب وابن خشيش، ومن الحافظ بن ناصر ولازمه إلى أن مات وتفقه على أبي سعد المخرمي، ووعظ. ولما توفى ابن الزاغوني أخذ حلقته بجامع المنصور في النظر والوعظ، وطلبها ابن الجوزي فلم يعطها لصغر سنه، وقد توفى سنة (٥٤٦ هـ) انظر، ابن رجب. الذيل على طبقات الحنابلة. ص ٢٢٠.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٤٦.
(٣) الحنبلي، أبو الفلاح، عبد الحي بن العماد. شذرات الذهب فى أخبار من ذهب. بيروت، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، دون طبعة وتاريخ، الجزء الثالث، ص ٣٢٩.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٣٥.
(٥) المكي، أبو محمد، عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان، اليافعي، اليمني. مرآة الجنان وعبرة اليقظان معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان. بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، الطبعة الثانية، ١٣٩٠ هـ - ١٩٧٠ م، الجزء الثالث، ص ٤٨٩.

<<  <   >  >>