للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٨٩ - وأما الذي رويناه في سنن أبي داود والترمذي عن عبيد الله بن رفاعة الصحابيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يُشَمَّتُ العاطِسُ ثَلاثاً، فإنْ زَادَ، فإنْ شِئْتَ فَشَمِّتْهُ، وَإنْ شِئْتَ فَلا " فهو حديث ضعيف (١) ، قال فيه الترمذي: حديث غريب، وإسناده مجهول.


= وهذه رواية ابن المبارك عنده، وأخرجه من رواية يحيى القطان، فأحال به على رواية ابن المبارك، فقال نحوه، إلا أنه قال له في الثانية: أنت مزكوم، وفي رواية شعبة: قال يحيى القطان: وفي رواية
عبد الرحمن بن مهدي: قال له في الثالثة: أنت مزكوم، وهؤلاء الأربعة رووه عن عكرمة بن عمار، وأكثر الروايات المذكورة ليس فيها تعرض للثالثة، ورجح النووي رواية من قال: في الثالثة، على رواية من قال: في ثانية.
قال الحافظ: " وقد وجدت الحديث من رواية يحيى القطان يوافق ما ذكره النووي، وهو ما أخرجه قاسم بن أصبغ في " مصنفه " وابن عبد البر من طريقه قال: حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى القطان، حدثنا عكرمة ... فذكره بلفظ: " عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمته، ثم عطس فشمته، ثم عطس فقال له في الثالثة: أنت مزكوم " هكذا رأيته فيه: ثم عطس فشمته، وقد أخرجه الإمام أحمد عن يحيى القطان، ولفظه: " ثم عطس الثانية والثالثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل مزكوم "، قال الحافظ: وهذا اختلاف شديد في لفظ هذا الحديث: لكن الأكثر على ترك ذلك التشميت بعد الأولى.
وأخرجه ابن ماجه من طريق وكيع عن عكرمة بلفظ آخر.
قال: يشمت العاطس ثلاثا، فما زاد فهو مزكوم، وجعل الحديث كله من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وأفاد تكرير التشميت، وهو رواية شاذة لمحافظة جميع أصحاب عكرمة بن عمار في سياقة، ولعل ذلك عن عكرمة المذكور لما حدث به وكيعا، فإن في حفظه مقالا، فإن كانت محفوظة، فهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة - يعني الحديث الذي بعد حديث عبيد بن رقاعة - ويستفاد منه مشروعية تشميت العاطس عليه، ما لم يزد على ثلاث إذا حمد، سواء تتابع عطاسه أم لا، فلو تتابع ولم يحمد لغلبة العطاس عليه، ثم كرر الحمد بعدد العطاس، فهل يشمت بعد الحمد؟ فيه نظر، وظاهر الخبر: نعم.
(١) قال الحافظ في " الفتح " ١٠ / ٤٩٩ في الأدب، باب تشميت العاطس: إطلاقه عليه الضعف ليس بجيد، إذ لا يلزم من الغرابة الضعف، قال الحافظ: وأما وصف الترمذي إسناده بكونه مجهولا، فلم يرد جميع رجال الإسناد، فإن معظمهم موثقون، وإنما وقع في روايته تغيير اسم بعض رواته وإبهام اثنين منهم، وذلك أن أبا داود والترمذي أخرجاه معا من طريق عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن، ثم اختلفا، فأما رواية أبي داود ففيها عن يحيى بن إسحاق بن طلحة عن أمه حميدة أو عبيدة بن عبيد بن رفاعة عن أبيها، وهذا إسناد حسن، والحديث مع ذلك مرسل كما سأبينه، وعبد السلام بن حرب من رجال الصحيح، ويزيد هو أبو خالد الدالاني وهو صدوق في حفظه شئ، ويحيى بن إسحاق وثقه يحيى بن معين، وأمه حميدة روى عنها أيضا زوجها إسحاق بن أبي طلحة، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين، وأبوها عبيد بن رفاعة، ذكروه في الصحابة لكونه وله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وله رؤية، قاله ابن، السكن، قال: ولم يصح سماعه، وقال البغوي: روايته مرسلة، وحديثه عن أبيه عند الترمذي والنسائي وغيرهما، وأما رواية الترمذي ففيها عن عمر بن إسحاق بن أبي طلحة عن أمه عن أبيها، كذا سماه عمر، ولم يسم أمه ولا أباها، وكأنه - يعني الترمذي - لم يمعن النظر، فمن ثم قال: إن إسناد مجهول، وقد = (*)

<<  <   >  >>