طمع فينا أهل الدولة من العتاة والقضاة المفسدين، وكنت صغيراً في سن العاشرة أو فوقها بيسير فأخرجوا وظائفي المنزول لي عنها منه -رحمه الله- وحصل علينا نكد عظيم حتى بعنا ثيابه بعد وصيته بأنها تكون لي ألبسها حين أكبر وجرت أمور لا نطيل ذكرها، فكتبنا صوزة ما جرى في كتاب طويل وأرسلناه إلى المرجاني وكنا نكاتبه ويكاتبنا إلى أن مات -رحمه الله- وسألناه قراءة الكتاب على قبر الوالد ففعل ذلك وأتانا جوابه بذلك وهو كتاب طويل يقول فيه بعد افتتاحه:
وحصل لفراق سيدي شيخ الإسلام ما حصل ولا حول ولا قوة إلا بالله ثلاثاً، ثم قال: ولما وصل كتابكم، امتثلت مرسومكم وقرأت الكتاب على قبره الشريف وحصل لي في تلك الحالة -حالة القراءة- هيبة عظيمة حتى خيل لي أنه فتح لي طاقة من قبره وهو يسمعني.
ثم نمت فرأيته في تلك الليلة وكانت ليلة عرفة فقلت له: يا سيدي وقفت على الكتاب الواصل من الشام؟ فأجابني بقوله:{يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} الآية -يرددها ثلاثاً.
ثم قلت له: يا سيدي ابنك قرأ المحرر ومختصر ابن الحاجب، وعدّد له محفوظاتي التي قرأتها بعده، ولم يذكر له المنهاج لأني قرأته في حياته، وجرى عليه كيت وكيت فقال في جوابه:{ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ}(١) الآية التي في الحج.
وقد جرى ذلك في السنة الداخلة وهي سنة أربع وعشرين، حصل لنا النصر من قبل الله والكتاب طويل فيه أمور، وهو عندنا بخط الشيخ نجم الدين -رحمه الله تعالى-.
ولو شرعت أُعدد ما وقع له -رحمه الله- من الكرامات قبل موته وبعده لطال الفصل ولخرجنا عما نحن فيه، وترجمته تحتمل مجلداً إذا استقصيت.