واشتغل بالعلوم ومهر في الفنون وسمع الحديث في سنة خمس وثمانين مع رفيقه الحافظ ابن حجر -كذلك أخبرني به- وكتب الطباق والأجزاء بخطه الحسن وقرأ في علوم الحديث على العراقي وكتاب المنهاج وكان يستحضره إلى آخر وقت وتفقه على مشايخ عصره كالشيخ وابن الملقن والمجد البرماوي وغيرهم من الأئمة المعتبرين.
وناب في الحكم للقاضي جلال الدين فمن بعده، ثم حجّ وجاور بمكة في سنة أحد وعشرين وثمان مائة، ورجع إلى بلده ودرس بالشيخونية وغيرها بحضرة الأعلام وولي مشيخة الشيوخ بخانقاه سعيد السعداء.
وأقبل على الأشغال وانتفع عليه جماعة وأفتى وعلَّق الكثير، ولم يصنف فيما بلغني غير أني سمعت أنه لما ولي الصلاحية في آخر عمره كما سيأتي علق كراريس على الروضة وكان يدرّس منها.
ثم ولي قضاء الشام في جمادى الآخرة سنة اثنين وثلاثين فباشرها مباشرة حسنة مدة ثلاث سنين وثلاثة أشهر إلا أياماً يسيرة.
واشتهر صيته بالشام ولم يكن بالمشهور ولا بالمشكور بين علماء القاهرة، ودرّس بالغزالية الدروس الحسنة المرتّبة بالكشاف في مدة ولايته لم يتم تفسير الفاتحة، وبغيرها من وظائف القضاء، ودرس بدار الحديث الأشرفية دروساً جليلة في فن الحديث.
وكان فاضلًا في الفقه والحديث والنحو حسن المشاركة في غيرها وله معرفة تامة بصنعة القضاء، وأشغل الطلبة بدمشق في الفقه والحديث.
وحضرت غالب دروسه في الفقه وكان محققاً متقناً مبيناً ضابطاً لما يقوله ويرويه وأذن بالإفتاء بعد وقوفه على شيء من كلامي وكان لي منه منزلة عظيمة ومحبة كثيرة.
وكان مواظباً على وظائف العبادات من الأوراد في الصباح والمساء وعلى صلاة النوافل كالضحى يصليها ثمان ركعات دائماً وغيرها من الصلوات المستحبة ومحاسنه كثيرة.