للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخطب بجامع دمشق خطباً عظيمة جليلة لائقة بالزمان ويورد في أثنائها أحاديث مناسبة للوقت بأداء حسن وعليه سكينة ووقار ولين جانب منور الشيبة حسن الشكالة.

ولم يزل على هذه الأوصاف الحميدة إلى أن عُزل من القضاء في شعبان من سنة خمس وثلاثين فرجع إلى بلده، وكان حصل له ألم كثير من العزل لأنه من غير موجب فرجع إلى بلده وزار القدس والخليل في طريقه، وكان بعض وظائفه بالقاهرة طمع فيها من استنابه فرجعت إليه بكلفة.

وتم ببلده مقيماً على حاله من الإشغال والإفتاء ونفع الناس وصار شيخ الشافعية بالقاهرة بعد شيخنا البرماوي وطبقته.

فعرض عليه قضاء الشام ببذل شيء يسير فامتنع وصمّم وقال لهم كما بلغنا: لو طلبتم مني في مقابلته. . . من. . . . ما توليت، جزاه الله عن دينه خيراً، فعمل عليه بعض الدولة على إخراجه فولَّاه الأشرف تدريس الصلاحية بالقدس الشريف بعد مراجعته والتصميم على عدم قبولها فلم يقدر.

وكان ذلك من الحيز الذي سبق له في الأزل من الدفن في الأرض المقدسة فقبلها بعد مراجعة كثيرة، وقدم القدس في المحرم سنة تسع وثلاثين وباشرها على ما يليق به، وفرح به المقادسة، ودرّس بالصلاحية، وأشغل الناس ولم يبق معه لأحد في القدس كلمة، وأخرج نائب القدس الأمير حسن. . . لما تعد -وكان ظالماً غاشماً.

وتم على ذلك إلى أن أتاه أجله فمرض أياماً يسيرة، وتوفي إلى رحمة الله تعالى يوم الأحد سابع عشر ربيع الآخر سنة أربعين وثمان مائة، وحضره الجم الغفير وحزن عليه الناس وعامة أهل البلد متأسفين عليه إلى الآن -رحمه الله تعالى وإيانا بكرمه.

* * *

<<  <   >  >>