ومنها أنه اختار أن الردة تبطل العمل مطلقاً يقول أبي حنيفة وحكاه عن نص الشافعي في الأم وهو خلاف ما جزم به الشيخان.
ومنها أنه اختار كراهة الطواف راكباً بغير عذر وهو خلاف ما نقله الرافعي عن الأصحاب أنه لا يكره.
وله اختيارات كثيرة معروفة فليقتصر على ذلك.
ثم قال الشيخ زين الدين العراقي -ذِكْرُ مرضه ووفاته:
وكان ابتداء ذلك أنه حصل له يوم الثلاثاء سادس جمادى الأولى سنة اثنين وسبعين وسبع مائة هواء في حلقه فانقطع عن الدرس جمعة ثم عوفي منه يوم الثلاثاء ثالث عشر الشهر المذكور وحضر الدرس بجامع ابن طولون في يوم الأربعاء رابع عشر وانتهى في الدرس إلى قوله تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}(١) وقال: هاهنا نقف.
قال الحافظ زين الدين: وأخبرني من حضر معه الدرس المذكور أنه قام من الدرس وهو يكرر هذه الآية الكريمة ويمسح عينيه من الدموع إلى أن ركب وهو يكررها {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}.
ثم حضر يوم الخميس الدرس بالأقبغائية وقال للطلبة في الدرس: أن الغزالي ذكر في الإحياء أن المستحب أن لا يعاد المريض إلا بعد ثلاثة أيام فلا تشوشوا علي ولا تعودوني إلا بعد ثلاثة أيام، ورجع إلى منزله.
ثم ركب بقية النهار في عقيقة لبعض فقهاء المالكية، ورأيته يومئذ في وقت العصر حين رجع من الركوب وهو طيب.
ثم جئت إليه يوم الجمعة قبل الصلاة فذُكر لي أنه شرب دواء فدخلت إليه منزله وهو متكئ فقال لي: أنا طيب وإنما شربت دواء بسبب البلغم.
قال الشيخ زين الدين: وهو آخر ما رأيته حياً، ثم انقطع عن الركوب للدرس يوم السبت فقط، وبلغني أنه كتب ذلك اليوم في بعض تصانيفه.