ثم خرج ليلة الأحد من منزله إلى المدرسة بعد صلاة العشاء الآخرة وجلس يتحدث مع الجماعة ساعة ثم دخل منزله.
ثم خرج بعد رقدة وحده فمشى حول الفسقية ثم استقبل القبلة ودعا طويلًا.
ثم دعا بعض طلبته فتوكأ عليه إلى أن دخل منزله.
ثم قال: ادع لي الجارية تحضر لي ثياباً نظيفة أغيّر علي ثيابي واتكأ على ساعده، فلما نزلوا له بالثياب وجدوه قد قضى إلى رحمة الله تعالى في ليلة الأحد من عشر الشهر المذكور.
ودفن من الغد بتربته التي أنشأها خارج باب النصر وتقدم في الصلاة مولانا قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء، وصُلي عليه بجامع الحاكم لكثرة الناس، ثم صُلي عليه عند تربة ابن جوشن، ثم صُلي عليه عند تربته.
قال الشيخ زين الدين: وحضرت غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ولم أرَ في عمري جنازة أكثر بكاءً منها ولا أكثر جمعاً إلا ما كان في جنازة الشيخ حسين الجاكي فإني حضرتها وأنا صغير، وكذلك جنازة سيدي الشيخ عبد الله المنوفي لم أرَ أكثر جمعاً منها، إلا أن الناس كانوا خرجوا اتفاقاً ليدعوا الله. . . . ويرغبوا إليه لدفع الوباء، ونودي فيهم لذلك فخرجوا إلى الصحراء، وَكَأَنَّ اجتماعهم في الحقيقة للصلاة على الشيخ عبد الله المنوفي -رحمه الله تعالى.
وقد روي عن الإمام أحمد بن حنبل -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: بيننا وبينهم الجنائز يريد بذلك والله أعلم اجتماع الخلق واجتماع ألسنتهم على الثناء الحسن الجميل.
ثم قال الحافظ: وكان شيخنا -رحمه الله تعالى- يعني الأسنوي صاحب الترجمة -وقد ظهر عليه قبل موته بيسير استشعار الموت واقترابه.
وكان على ما حكي لي، قد رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قبل موته بيسير، حكى لي بعض أصحابه -وهو الذي كان ينسخ تصانيفه