لقد أيتم الطلاب حتى لقد غدوا ... كطعن عوان مات عنها رجالها
وقد درست يوم استقلوا بنعشه ... دروس غزار الفضل فصل مقالها
بكاه سماء الجو يوم مماته ... كذا الأرض حتى سهلها وجبالها
ويبكيه أهل الدين إنْسٌ وجنة ... وأولادها في مهدها وعيالها
أَطُلابه موتوا جوىّ بعده فما ... بقاء علوم غاب عنها هلالها
أُصبنا به وقت الكمال وإنما ... خسوف بدور إذ يكون إكمالها
أأبكي جمال الدين عبد الرحيم من ... فقيد بنفس للنعيم مآلها
أعزي جميع المسلمين به فهم ... بنوا علمه شيخانها واكتهالها
لقد كان مأوىً للغريب وملجأً ... لذي عثرة حتى تراه يُقالها
وينفق في ذات الإله فما درت ... بما أنفقت يمناه يوما شمالها
عزوبٌ عن الدنيا عكوف على التقى ... أَلوفُ فعالٍ لا يبيد فعالها
شغولٌ بما يعنيه عن غيره ولا ... يُدَهُرِهُهُ قيل النفوس وقالها
صحيح اعتقاد ولم يكن متفلسفاً ... ولا شأنه إرجاؤها واعتزالها
له نفس حرٍ لا تذلّ لمطمع ... سمت عن سماء الفرقدين خصالها
فلم يبتذل نفساً لذلٍ وإنما ... لخدمة بذل العلم كان ابتذالها
وكم في قريش عالم متقدمٌ ... وآخرها عبد الرحيم كمالها
لئن فجعتنا الحادثات بشخصه ... فآثاره فينا يدوم اتصالها
تصانيفه تُتلى وأصحابه لها ... مجالس يردي الملحدين جدالها
قال الشيخ زين الدين: ومن ذلك مما رثي به ما أنشدنيه الشيخ الإمام العلامة جمال النحاة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصايغ لنفسه من لفظه:
أتيتَ يا موتُ بخطبٍ عظيم ... وجئت بالأمر الممر الجسيم
الجاهل الناقص أَبقيته ... ورحت بالفاضل عبد الرحيم
وهذا آخر ترجمة شيخ الإِسلام جمال الدين الأسنوي -تغمده الله