ووقف على تكملتي لشرح شيخ الإسلام الوالد على عمدة الأحكام من قبيل الصّداق إلى آخره، وكتب عليها ووقف على بعض هذا الديوان أيضاً، وعلى تكملتي لشرح الوالد أيضاً على الحاوي، وأذن لي بالإفتاء، وهو آخر من أذن لي- وأول من أذن لي بالإفتاء سميَّه المتقدم قبله شيخنا الإمام العلاّمة علاء الدين في سنة أربع وثلاثين وتبعه الأئمة الأعلام كالقاضي شهاب الدين الأموي وحافظ الإسلام وبقية الأعلام قاضي القضاة بالممالك الإسلامية ابن حجر، وشيخنا العلامة شيخ الشّافعية وآخر طبقته محيي الدّين المصري الآتي ترجمته في باب الياء إن شاء الله تعالى، والعلّامة قاضي المذهب ومفتيه وشيخ الشافعية قاضي القضاة تقي الدّين ابن قاضي شهبة وابتدأنا بعليّ وختمنا بعليّ وهو تفاؤل حسن، فرحم الله من مضى وختم بخير في عافية لمن بقي.
وله الدر المنتخب في تكملة تاريخ حلب، أجاد فيه وأفاد وأحسن وطالعت منه المجلّد الأخير وهو في ثلاث مجلّدات في رجوعه من الحجاز مدّة إقامته بدمشق.
عزل من حلب في أوائل دولة الظاهر جقمق فطلب إلى القاهرة فدخلها في أحد الربيعين سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة وأقام فيها مدة واجتمعنا هناك مرات في القلعة في قراءة الحديث في شعبان مع قضاة القاهرة وعلمائها وزادت المودّة بيننا وطال عليه الأمر، ثم سَعَى في عوده إلى قضاء بلده جماعة فولاّه السلطان في شعبان فلما خلع عليه رحل بعد مدة يسيرة قبل خروجي من القاهرة ولم يتمالك من شدة الفرح بِعَوْدِهِ إلى منصبه فوصل إلى بلده في أواخر رمضان وكان له عنها نحو ثمانية أشهر فلم تطل المدة ولم يتهنّا فتعلّل أيّاماً ثم بلغنا وفاته في العشر الأوسط من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثمان مائة وله سبعون سنة رحمه الله تعالى وعفا عنا وعنه، ولم يخلف بعده هنالك مثله، جمع الله بيننا وبينه في دار كرامته آمين.