ما قلته، ورعاً في نقله كثير التحري والتفتيش مقتحمًا على الحق لا يسمح بالتخفيف سيما إذا كان الأمر معضلًا، أو يكون كلامه في المواضع التي مصالحها عامة كالقضاء وغالب المعاملات، وأنت ترى صنيعه في أخذ القوت سيما في أبواب القضاء وتلك المواضع. . . . فجزاه الله خيراً.
مولده كما ذكره لبعض طلبته في سنة ثمان وسبع مائة بأذرعات.
وأخذ عن الأئمة الأعلام أصحاب الفنون كالسبكي الكبير والفخر المصري ولزمه وتخرّج عليه وأذن له بالإفتاء سنة خمس وثلاثين.
ورحل في طلب العلم بنفسه وجدّ واجتهد وبرع في المذهب وسمع الحديث من المزي والذهبي وغيرهما وله اطلاع في علم الحديث ومعرفة رجاله.
ومن رأى مصنفاته شهد له بذلك وله السؤالات المسماة بالحلبيات للشيخ تقي الدين السبكي وبعض الأسئلة أفحل من الجواب.
وبحث مع الشيخ بالقاهرة في مسألة الجبيرة، وقد أثنى الشيخ عليه وعلى مصنفاته وقال إنها مفيدة غير مرة.
ورحل إليه الإمامان الزركشي والبيجوري وبحثا عليه، وكتب البيجوري القوت، قال جمال الدين ولد الشيخ شهاب الدين الأذرعي: إن البيجوري لما قدم عليهم كان يكتب المجلد من القوت في شهرين ويطالع ويبحث مع الشيخ في مسائل فتارة يوافقه الشيخ وتارة يخالفه ويبين له وجه الحق.
وبالجملة: فكان الشيخ شهاب الدين أحد أئمة المذهب في زمانه وفقيه عصره بل فقيه أوانه.
ومن مصنفاته القوت الشرح المشهور على المنهاج والغنية عليه أيضاً لكنها نكت عظيمة وهي أحسن من الشرح. . . . والمتوسط الكتاب الحافل على الرافعي والروضة ومنه استمد الزركشي في كتابه الخادم ومشى على سؤاله وروى لي عنه مصنفات النووي سماعه من شيوخي منهم الشيخ علاء الدين بن سلامة المكي وكذلك بلديه المتقدم الشيخ محمد الأذرعي، وأخذ عنه جماعة من القضاة يحصرون.
توطّن رحمه الله بحلب وتصدى بها لنفع الناس ودرّس بها بالأسدية وغيرها.