وأدرك أيضاً من الأئمة بلديه الشيخ الإمام شهاب الدين الأذرعي وأخذ عنه ولم يزل مقيماً بمكانه يعلِّم الصغار ويؤم بالمسجد المذكور إلى أن هرم وضعفت إحدى عينيه مع كتابته الحسنة وعقله لم يختل وحجّ مرات.
إلى أن توفي إلى رحمة الله تعالى في ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول سنة أربعين وثمان مائة عن إحدى وتسعين سنة وقبر بمقابر بيت لهيا بوصية منه بذلك في يوم الجمعة قبل الصلاة.
وقد استفدنا منه الكثير وهو من جملة من روى لي مصنفات ابن كثير عنه، وكان شيخنا أيام الصغر في القرآن وله علينا الإحسان، جمع الله بيننا وبينه في دار كرامته.
* ثم أحببت أن أذكر ترجمة بلديه الشيخ شهاب الدين (١) الأذرعي فنقول:
أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الغني بن محمد بن سالم بن داود بن يوسف بن جابر الأذرعي الأصل ثم الحلبي الشيخ الإمام العلامة الأوحد البارع المطلع، عالم بلاد الشمال في عصره والمتقدم في تلك النواحي على أهل مصره شهاب الدين أبو العباس صاحب المصنفات السائرة النافعة المباركة.
كان المذكور إماماً عالماً كبيراً جليل القدر مطلعاً على كلام الأصحاب ونصوص الإمام الشافعي واسع الباع في ذلك، ليس لأحد من المتأخرين ما له من الفوائد والنقل والاستحضار مع الديانة وكثرة الخوف من الله تعالى وسلامة الصدر، كريماً سخياً محاسنه كثيرة، ومن اطلع على مصنفاته تحقق
(١) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٣/ ١٤٠ (٦٧٨)، الدرر الكامنة لابن حجر ١/ ١٢٥ (٣٥٤)، إنباء الغمر لابن حجر ١/ ٦١، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ١/ ١٧٧، الدارس في أخبار المدارس للنعيمي ١/ ٤٣، شذرات الذهب لابن العماد ٨/ ٤٧٩، البدر الطالع للشوكاني ١/ ٣٥ (٢١)، الأعلام للزركلي ١/ ١١٩، معجم المؤلفين - كحالة ١/ ٢١٠.