بالشامية البرانية والجوانية نيابة عن القاضي نجم الدين في الروضة وغيرها.
وبحث في الدروس مع علماء الشام إذ ذاك كابن سلام وشيخنا الكفيري شمس الدين وبلديه محيي الدين المصري وابن خطيب عذراء وغيرهم من الأعلام. وكان أكثر بحثه مع ابن سلّام لمشاركة كل منهما لصاحبه في الفنون ويكاد يحصل منهما الكلام السيء.
ثم إن شيخنا في آخر إقامته بدمشق قسّم المنهاج في أثناء سنة ست وعشرين وثمان مائة وحضره الفضلاء فوقع الفصل في أثناء ذلك فلم يتم الأمر.
وكان له ولد جميل الصورة -كان أحد القراء عليه في الكتّاب- فمات في الطاعون عن ثمانية عشر سنة ولم يكن له غيره فكمد من ذلك وظهر عليه الجزع والحزن وتأسف عليه غاية الأسف، وصادفه عزل القاضي نجم الدين من القضاء في تلك الأيام.
فرحل في منتصف شعبان من السنة إلى بلده، وأطبق عليه الطلبة وصار بركة مصره وشامه وعالم زمانه، وقصده الناس للإفتاء والأخذ عنه ثم رحل إلى الحجاز الشريف وجاور بمكة في سنة تسع وعشرين وفيها شرح البخاري، وانتفع عليه أهل الحجاز، فعاد في آخر السنة فتوفي إذ ذاك الشيخ شمس الدين الهروي بالقدس وكان شيخ الصلاحية كما سيأتي في ترجمته فولي شيخنا عوضه وكان ذلك بواسطة القاضي نجم الدين بن حجّي فإنه كان بمصر إذ ذاك.
فلما رجع الشيخ إلى القاهرة مكث أياماً يسيرة حتى تجهّز إلى القدس الشريف فقدمه في أثناء سنة ثلاثين وثمان مائة، وفرح بذلك غاية الفرح كما بلغني، وحق له ذلك، فإنها خاتمة حسنة عقيب المجاورة مباشرة.
فباشر الصلاحية بحمد الله على ما ينبغي وسر به المقادسة، وإلى الآن يتأسفون عليه كما شاهدته منهم ويذكرونه بكل جميل، وأحيا الله به العلم في تلك البقعة الشريفة.