شيخ الإسلام -رضي الله عنه- في العلم والإشغال وله بالفقير خصوصية قديمة من زمان متقادم والآن فقد خطر له التوجه إلى الشام المحروس لزيارة الصالحين والإحاطة بالشام علماً وقد عرفه الفقير أن مولانا الشيخ هو شيخ الشام والمرجع إليه في الشام مع أهل العلم والاهتمام.
هذه عبارة الإمام القاضي جلال الدين في كتابه إلى الوالد بسبب المذكور.
وهذه الترجمة من القاضي جلال الدين في حق المذكور منقبة فإن القاضي جلال الدين من كبار العلماء ولا يترجم بهذه العبارة إلا من هو في طبقة والده.
ولقد وقفت له على ترجمة لبعض العلماء البارعين دون هذه، والمقصود أن شيخنا كان يستحق هذه الترجمة وأعلى منها.
فقدم شيخنا إلى الشام فأكرمه الوالد وأضافه بمنزله بالصالحية وكذلك القاضي نجم الدين ابن حجي وأنزله في بيت الخطابة بجامع دمشق فلم تطل إقامته ورجع إلى بلده، ثم قدم بأهله وجماعته بطلب من القاضي نجم الدين في سنة ثلاث وعشرين بعد موت الوالد كما ستعلمه في ترجمته.
واستنابه القاضي نجم الدين في نيابة الحكم والخطابة بجامع دمشق وأحسن إليه، وولاه إفتاء دار العدل بعد والدي نيابة عني، والرّواحية بعد موت الشيخ برهان الدين بن خطيب عذراء والأمينية ودرس بها يوماً واحداً، وأضاف إليه وظائف أخرى تقوم بأوده وكان فقيراً جداً فانصلح حاله وانتفع به القاضي نجم الدين في العلوم وكان كثير المذاكرة عنده ويجتمع عندهم بعض الفضلاء فينتفع القاضي بواسطة ذلك.
وقرأ عليه طلبة دمشق الفضلاء منهم تاج الدين بن بهادر، وكان كثير الملازمة له وجلس للإشغال بجامع دمشق من بكرة إلى الظهر بباب الخطابة، وبعد ذلك بالإفتاء إلى آخر النهار.
وأقرأ المنهاج والتنبيه والحاوي، قسم كل واحد في سنة، ودرس