خِلَافًا لِفَتْوَى قَاضِي خَانْ لِتَقْدِيمِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى الْفَتَاوَى بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ.
نَعَمْ عَدُّهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِبَدَلِ الْخُلْعِ هُنَا خَطَأٌ، فَتَنَبَّهْ وَزَادَ الْقَلَانِسِيُّ أَنَّهُ يُحْبَسُ أَيْضًا فِي كُلِّ عَيْنٍ تَسْلِيمُهَا كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِفَتْوَى قَاضِي خَانْ) حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ كَالْقَرْضِ، وَثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَدَلُ مَالٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ اهـ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُحْبَسُ فِي الْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ خِلَافُ مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ أَيْ مَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَذْهَبُ الْمُفْتَى بِهِ. فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ وَلَمْ يَكُنْ بَدَلٌ وَالْعَمَلُ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى، فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ، قُلْت: وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ نَقَلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ عَدُّهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِبَدَلِ الْخُلْعِ هُنَا خَطَأٌ) عَدُّهُ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ وَاللَّامُ فِي لِبَدَلِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَخَطَأٌ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَدَلِ بِالْكَافِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَقَوْلُهُ: هُنَا: أَيْ فِيمَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي كَالْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَعِبَارَةُ الِاخْتِيَارِ هَكَذَا، وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي هُوَ مُوسِرٌ وَهُوَ يَقُولُ أَنَا مُعْسِرٌ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ يَسَارَهُ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بَدَلَ مَالٍ كَالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ، أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ حَبَسَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاءُ مَا حَصَلَ فِي يَدِهِ وَالْتِزَامُهُ يَدُلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ إلَخْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمِنْ التَّخْطِئَةِ أَصْلُهَا لِلطَّرَسُوسِيِّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا وَأَقَرُّوهُ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ غَيْرُ وَارِدٍ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّرَسُوسِيَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ اخْتِلَافِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْفَقْرِ وَعَدَمِهِ وَنَقَلَ عِبَارَاتِ الْكُتُبِ مِنْهَا كِتَابُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ لِلطَّحَاوِيِّ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ أَصْلُهُ مِنْ مَالٍ وَقَعَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ كَأَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَالْقُرُوضِ وَنَحْوِهَا حَبَسَهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ كَذَلِكَ كَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحْبِسْهُ حَتَّى يُثْبِتَ مَلَاءَتَهُ اهـ، وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ مَتْنِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَغَيْرِهِ حِكَايَةَ قَوْلٍ آخَرَ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَهُ حُكْمًا لَا بِمُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْمَدْيُونِ قَالُوا: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا ثَبَتَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ أَوْ لَا.
ثُمَّ إنَّ الطَّرَسُوسِيَّ قَالَ: إنَّ صَاحِبَ الِاخْتِيَارِ أَخْطَأَ، حَيْثُ جَعَلَ بَدَلَ الْخُلْعِ كَالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ فِي أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ لِلْمُدَّعِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ لِلطَّحَاوِيِّ وَمَتْنِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخُلْعَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَإِذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَلَامٌ سَاقِطٌ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ وَمَتْنِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَغَيْرِهِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْقُدُورِيُّ، وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الدُّرَرِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى، فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اُعْتُبِرَ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْمُدَّعِي كَوْنَ الدَّيْنِ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنَهُ بِعَقْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَهْرَ وَبَدَلَ الْخُلْعِ وَالصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بَدَلَ مَالٍ، فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي بَلْ لِلْمَدْيُونِ فَلَا يُحْبَسُ فِيهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اعْتَبَرَ كَوْنَ الدَّيْنِ مُلْتَزَمًا بِعَقْدٍ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلَ مَالِ أَوْ غَيْرَهُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُلْعَ مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِيَّ، وَاَلَّذِينَ صَرَّحُوا بِأَنَّ بَدَّلَ الْخُلْعِ لَا يُحْبَسُ فِيهِ الْمَدْيُونُ هُمْ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَجَعَلُوهُ كَالْمَهْرِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بَدَلَ مَالٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ صَاحِبَ الِاخْتِيَارِ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ الْعَقْدَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، فَلِذَا جُعِلَ الْقَوْلُ لِلْمُدَّعِيَّ فِي الْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ وَالْخُلْعِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute