للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِي) كُلِّ دَيْنٍ هُوَ بَدَلُ مَالٍ أَوْ مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ، دُرَرٌ وَمَجْمَعٌ وَمُلْتَقَى مِثْلُ (الثَّمَنِ) وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ كَالْأُجْرَةِ (وَالْقَرْضِ) وَلَوْ الذِّمِّيَّ (وَالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَمَا لَزِمَهُ بِكَفَالَةٍ) وَلَوْ بِالدَّرَكِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرُوا، بَزَّازِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ هَذَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ دَيْنٍ هُوَ بَدَلُ مَالٍ) كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْقَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُلْتَزَمٍ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَا غِنَاءَ عَمَّا قَبْلَهُ، زَادَ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْقَلَانِسِيِّ، وَفِي كُلِّ عَيْنٍ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الَّتِي عَزَاهَا الشَّارِحُ إلَى الدُّرَرِ، وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى أَصْلُهَا لِلْقُدُورِيِّ عَدَلَ عَنْهَا صَاحِبُ الْكَنْزِ إلَى قَوْلٍ فِي الثَّمَنِ وَالْقَرْضِ وَالْمَهْرِ وَالْمُعَجَّلِ، وَمَا الْتَزَمَهُ بِالْكَفَالَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لِوَجْهَيْنِ. نَبَّهَ عَلَيْهِمَا فِي النَّهْرِ: الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ بَدَلُ مَالٍ يَدْخُلُ فِيهِ بَدَلُ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ الْمُتْلَفَاتِ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مُلْتَزَمٍ بِعَقْدٍ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ اهـ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بَعْدُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِيهَا فَكَانَ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بَدَلُ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ، كَمَا سَيَأْتِي فَيَكُونُ دَلِيلًا عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِخِلَافِ مَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْغَصْبِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الصُّلْحِ وَالْخُلْعِ كَمَا تَعْرِفُهُ، فَالْأَحْسَنُ مَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي فِي الْمَتْنِ غَيْرُ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ فَافْهَمْ، لَكِنَّ الشَّارِحَ نَقَضَ هَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ كَمَا تَعْرِفُهُ.

(قَوْلُهُ: مِثْلُ الثَّمَنِ) شَمِلَ الثَّمَنُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ، وَشَمِلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ لَا بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: كَالْأُجْرَةِ) لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْمَنَافِعِ بَحْرٌ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَالٍ لَكِنَّهَا تَتَقَوَّمُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ لِلضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ) يَرْجِعُ إلَى الثَّمَنِ وَالْقَرْضِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَيُحْبَسُ الْمَدْيُونُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحْبَسُ بِدَيْنِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَعَكْسُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَهْرُ الْمُعَجَّلُ) أَيْ مَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ أَوَتُعُورِفَ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَا لَزِمَهُ بِكَفَالَةٍ) اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ كَفِيلٌ أَصْلُهُ كَمَا لَوْ كَفَلَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ مُطْلَقًا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسِ الْأَبِ مَعَهُ وَفِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالدَّرَكِ) وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَفِيلَ الْكَفِيلِ) بِالنَّصْبِ خَبَرٌ لِكَانَ الْمُقَدَّرَةِ بَعْدَ لَوْ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ: أَيْ وَلَوْ كَانَ كَفِيلَ الْكَفِيلِ فَدَخَلَ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ الْأَصِيلُ وَكَفِيلُهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى حَبْسِ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ مَعًا الْكَفِيلُ بِمَا الْتَزَمَهُ، وَالْأَصِيلُ بِمَا لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ، وَلِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ حَبْسُ الْأَصِيلِ إذَا حُبِسَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَتَمَكَّنُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ حَبْسِ الْكَفِيلِ، وَالْأَصِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرُوا اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ) أَيْ لِأَنَّ الْكَفِيلَ الْتَزَمَ الْمَالَ بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ وَكَذَا كَفِيلُهُ، وَقَوْلُهُ كَالْمَهْرِ أَيْ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لَكِنَّهُ مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ لِثُبُوتِ حَبْسِهِ بِمَا ذَكَرَ، وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ فَإِنَّ الْتِزَامَهُ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ دَلِيلُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَلْتَزِمُ مَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُحْبَسُ وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَنَاقِضِ لِوُجُودِ دَلَالَةِ الْيَسَارِ وَظَهَرَ بِهِ وَجْهُ حَبْسِهِ أَيْضًا بِالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمَالُ بِيَدِهِ ثَبَتَ غِنَاهُ بِهِ أَفَادَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَالْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فِي يَدِهِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) الْإِشَارَةُ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ وَهَذَا أَحَدُ خَمْسَةِ أَقْوَالٍ ثَانِيهَا: مَا فِي الْخَانِيَّةِ ثَالِثُهَا: الْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ فِي الْكُلِّ: أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي رَابِعُهَا لِلدَّائِنِ فِي الْكُلِّ خَامِسُهَا أَنَّهُ يُحَكِّمُ الزِّيَّ أَيْ الْهَيْئَةَ إلَّا الْفُقَهَاءَ وَالْعَلَوِيَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَزَيَّوْنَ بِزِيِّ الْأَغْنِيَاءِ وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ صِيَانَةً لِمَاءِ وَجْهِهِمْ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>