للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُؤَجَّلِ مَهْرٍ، قُلْت: ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقٍ وَفِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ يَثْبُتُ الْيَسَارُ بِالْإِخْبَارِ هُنَا بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ، لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ بِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ غِنَاهُ فَرَاجِعْهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَدْيُونُ: لَيْسَ بَدَلَ مَالِ وَقَالَ الدَّائِنُ: إنَّهُ ثَمَنُ مَتَاعٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ رَبُّ الدَّيْنِ طَرْسُوسِيٌّ بَحْثًا وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.

[فَرْعٌ] لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِنْ بِعُذْرٍ لَهُ السَّفَرُ مَعَهُ، فَإِذَا حَلَّ مَنَعَهُ حَتَّى يُوفِيَهُ بَدَائِعُ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ

(إنْ ادَّعَى) الْمَدْيُونُ (الْفَقْرَ) إذْ الْأَصْلُ الْعُسْرَةُ (إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ غَرِيمُهُ عَلَى غِنَاهُ) أَيْ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَوْ بِاقْتِرَاضٍ أَوْ بِتَقَاضِي غَرِيمِهِ (فَيَحْبِسُهُ) حِينَئِذٍ (بِمَا رَأَى) وَلَوْ يَوْمًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ

ــ

[رد المحتار]

مَسْأَلَةَ النَّفَقَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمُؤَجَّلُ مَهْرٍ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ أَيْ فَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ مُطَالَبَتِهِ بِهِ فِي الْحَالِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَجَّلِ شَرْطًا أَوْ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ: قُلْت ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقٍ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ لَا يُطَالَبُ بِهِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ حَبْسُهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) الْأَنْسَبُ ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ غَرِيمُهُ عَلَى غِنَاهُ، وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى يَسَارِهِ، وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ مِنْ جِيرَانِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ. وَإِنْ سَأَلَ كَانَ حَسَنًا، فَإِنْ سَأَلَ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِيَسَارِهِ ثَبَتَ الْيَسَارُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ الْيَسَارُ بِالْإِخْبَارِ، وَإِنْ قَالَا سَمِعْنَا أَنَّهُ مُوسِرٌ أَوْ بَلَغَنَا ذَلِكَ لَا يَقْبَلُهُ الْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) فَإِنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ غِنَاهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ كَوْنُهُ بِالشَّهَادَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الثُّبُوتُ فِي دَيْنِ النَّفَقَةِ بِالْإِخْبَارِ فِي غَيْرِهِ بِالْإِشْهَادِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ مُعَيِّنَةٍ ط. قُلْت: لَكِنْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ نَعَمْ عِبَارَةُ الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ لَكِنْ قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِالْبَيِّنَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ) أَيْ فَلَا يُحْبَسُ إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ.

(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ) وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِإِنْكَارِهِ مَا يُوجِبُ حَبْسَهُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ السَّفَرُ بِحَيْثُ يَحِلُّ الْأَجَلُ قَبْلَ قُدُومِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ) أَيْ فِي آخِرِهَا وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَرْجِيحَ إلْزَامِهِ بِإِعْطَاءِ كَفِيلٍ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ لَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ الْعُسْرَةُ) لِأَنَّ الْآدَمِيَّ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا فَكَانَ الْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الظَّاهِرُ، إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ لَهُ مَالًا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغِنَى مِلْكَ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِيمَا دُونَهُ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِاقْتِرَاضٍ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ وَجَدَ الْمَدْيُونُ مَنْ يُقْرِضُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ ظَالِمٌ، وَفِي كَرَاهِيَةِ الْقُنْيَةِ لَوْ كَانَ لِلْمَدْيُونِ حِرْفَةٌ تُفْضِي إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ فَامْتَنَعَ مِنْهَا لَا يُعْذَرُ اهـ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَرْعَيْنِ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ فَإِذَا ادَّعَى فِي الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مَثَلًا أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَوَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، أَوْ كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ تُوفِيهِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الظُّلْمِ، وَأَمَّا مَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَظُلْمُهُ فِيهِ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ مَنْ يُقْرِضُهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِتَقَاضِي غَرِيمِهِ) بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَرِيمٍ مُوسِرٍ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَإِنْ حُبِسَ غَرِيمُهُ الْمُوسِرُ لَا يُحْبَسُ، وَفِيهَا وَلَوْ كَانَ لِلْمَحْبُوسِ مَالٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَحْبِسُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَامَ الْبُرْهَانُ عَلَى غِنَاهُ فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَبِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي غِنَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ يَوْمًا) أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَبْسِ الضَّجَرُ وَالتَّسَارُعُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِيهِ مُتَفَاوِتَةٌ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ تَقْدِيرِهِ بِشَهْرَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>