وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ:
وَالثَّرْثَارُ - بِمُثَلَّثَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَتَكْرِيرِ الرَّاءِ - كَثِيرُ الْكَلَامِ تَكَلُّفًا، وَالْمُتَشَدِّقُ الْمُتَكَلِّمُ بِمِلْءِ شِدْقِهِ تَفَاصُحًا وَتَعَاظُمًا وَاسْتِعْلَاءً عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى الْمُتَفَيْهِقِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَقُلْت لَهُ: يَا بِلَالُ إنَّ أَبَاك حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ: هَبْهَبُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْكُنَهُ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، فَإِيَّاكَ يَا بِلَالُ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَسْكُنُهُ» ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَهَبْهَبُ بِفَتْحِ الْهَاءَيْنِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُوَرِ الذَّرِّ» ، رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي النَّارِ تَوَابِيتَ يُجْعَلُ فِيهَا الْمُتَكَبِّرُونَ فَتُغْلَقُ عَلَيْهِمْ» .
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَارَقَتْ رُوحُهُ جَسَدَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ: الْكِبْرِ وَالدَّيْنِ وَالْغُلُولِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» . وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَضَبَطَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: الْكَنْزِ، بِالنُّونِ وَالزَّايِ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا تُحَقِّرَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ حَقِيرَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ اللَّهِ كَبِيرٌ.
وَقَالَ وَهْبٌ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى جَنَّةَ عَدْنٍ نَظَرَ إلَيْهَا فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُتَكَبِّرٍ.
وَقَالَ الْأَحْنَفُ: عَجَبًا لِابْنِ آدَمَ يَتَكَبَّرُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: الْعَجَبُ لِابْنِ آدَمَ يَغْسِلُ الْخِرَاءَ بِيَدِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُعَارِضُ جَبَّارَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَسُئِلَ سُلَيْمَانُ عَنْ السَّيِّئَةِ الَّتِي لَا تَنْفَعُ مَعَهَا حَسَنَةٌ؟ فَقَالَ: الْكِبْرُ.
وَنَظَرَ الْحَسَنُ إلَى أَمِيرٍ يَمْشِي مُتَبَخْتِرًا فَقَالَ: أُفٍّ أُفٍّ لِشَامِخٍ بِأَنْفِهِ ثَانٍ عِطْفَهُ مُصَعِّرٍ خَدَّهُ يَنْظُرُ فِي عِطْفَيْهِ: أَيْ حُمَيْقٍ أَيْنَ تَنْظُرُ فِي عِطْفَيْك؟ فِي نِعَمٍ غَيْرِ مَشْكُورَةٍ وَلَا مَذْكُورَةٍ، غَيْرِ الْمَأْخُوذِ بِأَمْرِ اللَّهِ فِيهَا وَلَا الْمُؤَدَّى حَقُّ اللَّهِ مِنْهَا، فَسَمِعَ فَجَاءَهُ مُعْتَذِرًا فَقَالَ: لَا تَعْتَذِرْ إلَيَّ وَتُبْ إلَى رَبِّك، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا} [الإسراء: ٣٧] وَاخْتَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مِشْيَتِهِ قَبْلَ الْخِلَافَةِ، فَغَمَزَ طَاوُسٌ جَنْبَهُ بِأُصْبُعِهِ وَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ مِشْيَةَ مَنْ فِي بَطْنِهِ خَيْرٌ، فَقَالَ كَالْمُعْتَذِرِ: يَا عَمِّ لَقَدْ ضُرِبَ