أَنْ أَذْهَبَ إلَيْهَا، وَأَعْلَمَنِي مَحَلَّهَا وَأَنْ أُنَاشِدَهَا بِتَرْكِ هَذَا الْعَذَابِ الْعَظِيمِ الَّذِي تَسَبَّبَتْ لَهُ فِيهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْت ذَهَبْت إلَيْهَا وَرَأَيْت عِنْدَهَا تِلْكَ النَّوَادِبَ، وَوَجْهُهَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ كَثْرَةِ اللَّطْمِ وَالْبُكَاءِ فَذَكَرْت لَهَا ذَلِكَ الْمَنَامَ فَتَابَتْ وَأَخْرَجَتْ النَّوَادِبَ وَأَعْطَتْنِي دَرَاهِمَ أَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُ، فَأَتَيْت الْمَقْبَرَةَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ عَلَى عَادَتِي وَتَصَدَّقْت عَنْهُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَنِمْت فَرَأَيْته وَهُوَ يَقُولُ لِي جَزَاك اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا، أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي الْعَذَابَ وَوَصَلَتْنِي الصَّدَقَةُ فَأَخْبِرْ أُمِّي بِذَلِكَ، فَاسْتَيْقَظْت وَذَهَبْت إلَيْهَا فَوَجَدْتهَا مَاتَتْ فَحَضَرْت الصَّلَاةَ عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ بِجَنْبِ وَلَدِهَا.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ: «يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ وُثِقَ بِهِ: «يُؤْتَى بِالشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ لِلْحِسَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمُتَصَدِّقِ فَيُنْصَبُ لِلْحِسَابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِأَهْلِ الْبَلَاءِ فَلَا يُنْصَبُ لَهُمْ مِيزَانٌ وَلَا يُنْشَرُ لَهُمْ دِيوَانٌ فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ الْأَجْرُ صَبًّا حَتَّى إنَّ أَهْلَ الْعَافِيَةِ لَيَتَمَنَّوْنَ فِي الْمَوْقِفِ أَنَّ أَجْسَادَهُمْ قُرِضَتْ بِالْمَقَارِيضِ مِنْ حُسْنِ ثَوَابِ اللَّهِ» .
وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» أَيْ يُوَجِّهْ إلَيْهِ مُصِيبَةً أَوْ بَلَاءً، وَصَحَّ: «إذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» . وَصَحَّ أَيْضًا: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الْمَنْزِلَةُ فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلٍ فَمَا يَزَالُ اللَّهُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إيَّاهَا» .
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ: «إنَّ الْعَبْدَ إذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ فَلَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلٍ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -» .
وَالطَّبَرَانِيُّ: «إنَّ اللَّهَ لَيُجَرِّبُ أَحَدَكُمْ بِالْبَلَاءِ كَمَا يُجَرِّبُ أَحَدُكُمْ ذَهَبَهُ بِالنَّارِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الْإِبْرِيزِ فَذَلِكَ الَّذِي حَمَاهُ اللَّهُ مِنْ الشُّبُهَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ دُونَ ذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي يَشُكُّ بَعْضَ الشَّكِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الْأَسْوَدِ فَذَلِكَ الَّذِي اُفْتُتِنَ» .
وَالشَّيْخَانِ: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ أَيْ تَعَبٍ وَلَا وَصَبٍ أَيْ مَرَضٍ وَلَا هَمٍّ أَيْ وَلَا حُزْنٍ وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» . وَفِي رِوَايَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute